للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١١٧] فإن هذا الحديث قد استدلّ به طائفة على جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته وبعد مماته. قالوا: وليس في التوسل دعاء المخلوقين ولا استغاثة بالمخلوق وإنما هو دعاء واستغاثة بالله؛ لكن فيه سؤال بجاهه كما في «سنن ابن ماجه» (١) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه ذكر في دعاء الخارج للصلاة أن يقول: «اللهم إني أسألك بحقّ السائلين عليك وبحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ولا رياء ولا سمعةً. خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت».

قالوا: ففي هذا الحديث أنه سأل بحق السائلين عليه وبحق ممشاه إلى الصلاة، والله تعالى قد جعل على نفسه حقًّا، قال الله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: ٤٧]، ونحو قوله: {كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا} [الفرقان: ١٦]، وفي «الصحيح» (٢) عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: «يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟» قال: الله ورسوله أعلم، قال: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا. أتدري ما حقّ العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ فإن حقهم عليه أن لا يعذبهم».

وقد جاء في غير حديث: «كان حقًّا على الله كذا وكذا». كقوله: «مَنْ شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يومًا، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد فشربها في الثالثة أو الرابعة كان حقًّا على الله أن يسقيه من طينة الخبال».


(١) (٧٧٨)، وأخرجه أحمد (١١١٥٦)، وابن أبي شيبة (٢٩٨١٢). وسيأتي الكلام عليه.
(٢) البخاري (٧٣٧٣)، ومسلم (٣٠).