للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحديث مسلم (١) عن عائشة أيضًا قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلما كان ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غدًا مؤجَّلون، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد».

وهاهنا فروع:

الأول: في عِلَّة النهي أولًا.

هي ــ والله أعلم ــ أن أهل الجاهلية كانوا يقولون ويفعلون عند القبور أشياء ينكرها الشرع، فلئلّا يقع قريبو العهد بالجاهلية في شيءٍ من تلك الأشياء جهلًا أو جريًا على ما اعتادوه= اقتضت الحكمةُ النهيَ عن زيارة القبور مطلقًا سدًّا للذريعة. فلما ثبتت قواعد الإسلام وتبينت أحكامه، ورسخت الأقدام فيه، رَخّص في الزيارة بزوال المانع. ويومئُ إلى هذا ما رواه ابن ماجه عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «زوروا القبور ولا تقولوا هُجْرًا» (٢).

الثاني: في الحكمة في استحباب زيارة القبور:


(١) (٩٧٤).
(٢) لم أجده في ابن ماجه، وأخرجه الطبراني في «المعجم الصغير» (٨٨١). قال الهيثمي في «المجمع»: (٣/ ٨٧): «فيه محمد بن كثير بن مروان وهو ضعيف جدًّا».
أقول: وجاء هذا اللفظ أيضًا من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أخرجه مالك (١٣٩٤)، وأحمد (١١٦٠٦)، ومن حديث أنسٍ عند أحمد (١٣٦١٥)، وأبي يعلى (٣٧٠٥)، والحاكم: (١/ ٣٧٦). ومن حديث بريدة عند النسائي (٣٠٣٣).