الوفاء بمقصدها الديني بوسيلته التي كان العمل عليها في عهده صلى الله عليه وآله وسلم. ومن هذا إجماع الصحابة رضي الله عنهم على جمع القرآن في مصحف واحد، وذلك أن المحافظة على القرآن هي أهم الأمور الدينية، وكانت الوسيلة لذلك في عهده صلى الله عليه وآله وسلم الحفظ، فلما استحرَّ القتلُ بالقرَّاء في عهد الصدِّيق، وانتشر المسلمون في الآفاق، وبدأت الهِمَمُ تَكِلِّ عن الحفظ، [و] رأى الصحابة رضي الله عنهم أن الوسيلة الأولى قد ضعُفت عن الوفاء بالمقصد الذي هو المحافظة على القرآن، وأن الاقتصار عليها يُخشَى أن يؤدّي إلى ضياع المقصد= قرروا أن الأمر بالمحافظة على القرآن يلزمهم أن يعملوا لتحصيله بكل وسيلة، فإن أمكن حصولُه بالوسيلة التي كان [العمل] عليها في عهده صلى الله عليه وآله وسلم تعيَّن ذلك، وإلّا نظروا وسيلة أخرى، وعملُهم بالوسيلة الأخرى من السُّنَّة، لأنه عملٌ بمقتضى الدليل.
والحاصل أن الإذن في هذا كأنه على الترتيب، فلا يجوز العمل بالمحدث حتى يمتنع العمل بما قبله، فالعمل بالمحدث من غير أن يمتنع ما قبله بدعة، والعمل به بعد امتناع ما قبله [سنة].
وأما القسم الثاني ــ وهو المقاصد ــ فالمحدَث منه كلُّه بدعة ضلالة، وليس منه صلاة التراويح كما يظن بعضهم، فإنها من السنة، كما ثبت في "الصحيحين"(١) عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم اتخذ حُجرةً في المسجد من حصيرٍ، فصلَّى فيها لياليَ حتى اجتمع عليه ناس، ثم فقدوا صوتَه ليلةً وظنُّوا أنه قد نام، فجعل بعضُهم يتنحنح ليخرج إليهم،