للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١٩٩] ومما يتعلّق بالنجوم: معرفة الأنواء. والأنواءُ جمع نَوء، وهو وقت سقوط الكواكب، جرت العادةُ أن المطر ينزل غالبًا في أوقات أنواءٍ معروفة، فيتوهّم الجاهل أنَّ لها دخلًا في سبب نزول المطر، والحقيقةُ غير ما توهَّموه؛ وذلك أن الأرض تكون محتاجةً إلى المطر في أوقاتٍ مخصوصة من السنة الشمسية، واتفق أن كانت تلك الأوقات في أوقات تلك الأنواء، وربُّنا سبحانه وتعالى عليم حكيم رحيم، ينزّل الغيث غالبًا في أوقات حاجة الأرض إليه رحمةً بعباده، فإذا رأى الجاهلُ أن الغيثَ ينزل غالبًا في أوقات تلك الأنواء ظنَّها هي السبب في نزوله.

والمؤمن يعلم أن السبب في نزوله هو فضل الله ورحمته، وإنما يوافق نزول تلك الأنواء في غالب السنين؛ لأن الأرض تشتدُّ حاجتها إلى المطر في تلك الأوقات، فاقتضى فضل الله ورحمته إغاثتها في أوقات حاجتها، وليس للأنواء دخل في السببية.

وقد اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى دفع هذا الوهم بتقديم نزول المطر على تلك الأنواء في بعض السنين، وتأخيره عنها، وعدمه أحيانًا، ولكنَّ كثيرًا منهم لم ينتفع بذلك بل أصرّ على ضلاله.

وقد أخرج النسائي (١) بسنده إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لو أمسك الله القَطْرَ عن عباده خمس سنين ثم أرسله لأصبحت طائفةٌ كافرين يقولون: سُقينا بنَوءِ المِجْدَح».


(١) (١٥٢٦). وأخرجه أحمد (١١٠٤٢)، وابن حبان (٦١٣٠) بلفظ «سبع سنين»، وأبو يعلى (١٣١٢) بلفظ «عشر سنين». وفي سنده عَتّاب بن حنين ذكره ابن حبان في «الثقات»: (٥/ ٢٧٤)، وروى عنه اثنان.