للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجوب العمل به حاصلٌ، فوجبَ العملُ به دفعًا للضرر المظنون، ولأن الإجماع نوعٌ من الحجة، فيجوز التمسك بمظنونه كما يجوز بمعلومه، قياسًا على السنة. ولأنا بيّنا أن أصل الإجماع فائدته ظنية، فكذا القول في تفاصيله. انتهى.

وبهذا يظهر أن الراجح حجيته عندهم.

[ص ١٦٨] وثانيًا: هذا الإجماع منقول عن أهل الأصول فقط، فهل إجماعُهم وحدَهم كافٍ في هذه المسألة؟ فنقول:

قال الشوكاني أيضًا (١): الإجماع المعتبر في فنون العلم هو إجماع أهل ذلك الفن العارفين به دونَ من عداهم، فالمعتبر في الإجماع في المسائل الفقهية قول جميع الفقهاء، وفي المسائل الأصولية قول جميع الأصوليين، وفي المسائل النحوية قول جميع النحويين، ونحو ذلك. ومَن عَدا أهل ذلك الفن فهو في حكم العوامّ، فمن اعتبرهم في الإجماع اعتبر غيرَ أهلِ الفن، ومَن لا فلا.

وقال (٢) في بحث اعتبار العامَّة في الإجماع بعد كلامٍ: قال الروياني في "البحر": إن اختصَّ بمعرفة الحكم العلماءُ، كنُصُبِ الزكوات، وتحريم نكاح المرأة وعمَّتها وخالتها، لم يُعتَبر وفاقُ العامّة معهم. وإن اشترك في معرفته الخاصة والعامة، كأعداد الركعات، وتحريم بنت البنت، فهل يُعتبر إجماع العوامّ معهم؟ فيه وجهان، أصحهما: لا يُعتبر، لأن الإجماع إنما يصحُّ عن


(١) "إرشاد الفحول" (١/ ٤١٦).
(٢) المصدر نفسه (١/ ٤١٤، ٤١٥).