للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ١٨] وقد بقي من أقسام التبرك: التبرّك بالقبور والمشاهد وما بني عليها من المساجد.

أقول (١): قد عَلَمتَ الأدلة الصحيحة الصريحة على حُرمة البناء على القبر وحرمة بناء المسجد عليه أو بقربه بحيث يكون منسوبًا إليه، وأن ذلك من الكبائر الملعون صاحبها، والمشتدّ غضب الله على من فعلها، وأنّ العلة في ذلك هي كراهية التشبّه بالمشركين من الأمم السالفة، وخشية أن يجر ذلك إلى الشرك كما مرّ تقريرُه بأدلته (٢).

فإذا كانت المشاهد والمساجد المتخذة على القبور بهذه المثابة، فالواجب على كل مسلم المبادرة إلى هدمها كما صحّ به الأمر من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ورواه الإمام الشافعي رحمه الله عن الأئمة بمكة (٣)، ونقله عنه النووي في «شرح مسلم» (٤). ومضى في بحث البناء على القبور أن ذلك هو مذهبه ومذهب جميع أئمة الإسلام، بل هو الدين الذي تعبَّدنا الله به. فارجعْ إلى ذلك (٥).

فمن لم يقدر على هدمه بيده فالواجب عليه تشديد الإنكار بلسانه، فإن لم يقدر فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان، وليس بعد ذلك من الإيمان مثقال


(١) في الأصل بعدها: «قد تقدم إثبات» والظاهر أن المؤلف نسي أن يضرب عليها بعد أن غيّر العبارة عدة مرات.
(٢) انظر ما سبق (ص ١٨٦ وما بعدها).
(٣) انظر «الأم»: (٢/ ٦٣١).
(٤) (٧/ ٣٦ - ٣٨).
(٥) (ص ١٩٥).