سجيَّةٌ تلك فيهم غيرُ مُحدَثةٍ ... إن الخلائقَ فاعلَمْ شرُّها البِدَعُ
وشرعًا: مرادفُ البدعة شرعًا.
فالبدعة والمحدثة شرعًا: الأمر المبتدع في الدين على غيرِ مثالٍ من الكتاب والسنة. والمراد بقوله:"على غير مثالٍ من الكتاب والسنة" أن يكون غيرَ موافقٍ لهما، وكلُّ فعلٍ من الأفعال إما أن يكون موافقًا للكتاب والسنة، وإما أن يكون مخالفًا. والموافق ما دلَّ على موافقته دليلٌ معتبرٌ منهما دلالةً معتبرةً، فهو من السُّنَّة، والمخالف ما دلَّ على مخالفته دليلٌ منهما دلالةً معتبرة، فإن كان موجودًا من أول الإسلام فهو حرام أو مكروه بحسب ما يقتضيه دليله، ولا [يسمَّى](١) بدعة ولا مُحدَثة. وإن لم يكن موجودًا من أول الإسلام بل حدثَ بعد ذلك فهو محدثة بدعة. ولا واسطةَ بين الموافق والمخالف. [ص ٢] لأن الله تعالى قال: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩)}، وأومأ إلى وجه ذلك بقوله عقبَ هذه الآية:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[النحل: ٩٠]، ليعلم أنه ليس المراد بقوله:{تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} أن يكون كل شيء بنصٍّ خاص، وإنما المراد أنه ما من شيء إلّا وحكم الله تعالى فيه مبيَّن في كتابه، إن لم يكن بالمطابقة فبالتضمن أو الالتزام أو المفهوم، كأن يكون ذلك الشيء داخلًا تحت أمرٍ عامّ مبيَّنٍ حكمُه في كتاب الله تعالى. ومنها في المأمورات: العدل والإحسان وإيتاء ذي القربى والتقوى والمعروف