للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أدلة الحكم والاستدلال بها، والإجابة عما يخالفها، فكانوا يعلِّمونهم الاجتهادَ. وهذا واضح من كتبهم.

ومع ذلك فتقليد الميت باطلٌ بإجماع أهل الأصول كما مرَّ. على أنكم غيرُ مقلِّدين لهم، فإنهم لم يتكلَّموا في كل مسألةٍ، وإنما أخذ أتباعُهم يُفرِّعون على أقوالهم ويقيسون ويُرجِّحون، فصار التقليد مركبًا بدرجات كثيرة. ثم جاء المتأخرون، فخلطوا الأحكام المأخوذة عنهم بالأحكام المقيسة على كلامهم [و] بالأحكام التي (١) اخترعها الأتباعُ بآرائهم، مع أن المقرر في الأصول أن لازمَ [ص ٣٠] المذهب ليس بمذهب. فالأحكام المأخوذة من لازِم قولهم ليست على هذا مذهبًا لهم.

والحاصل أن التقليد من أصله قد قام الدليل على مَنْعه، كما هو مفصَّلٌ في كتب القوم، مما هو معروفٌ متداولٌ بين الناس، ومرَّ في هذه الرسالة وسيأتي فيها إن شاء الله تعالى ما يكفي في ذلك.

ولو سلَّمنا جواز التقليد للأحياء فإنه لا يجوز للأموات، ولو سلَّمنا جوازه للأموات لما جاء إلّا لما ثبتَ من نصوصهم.

* [ص] (٢) قال المقلدون: هاهنا ثلاثة أمور:

الأول: قولكم: "إن أهل الثلاثة القرون إنما كانت فتواهم بتلاوة الآية أو رواية الحديث" فنقول: هذا ليس على إطلاقه، كيف وفي المجتهدين مَن يقول بمجرد اجتهاده إذا لم يجد دليلًا من كتاب الله تعالى وسنة رسوله، كما


(١) في الأصل: "الذي" سهوًا.
(٢) بداية صفحة جديدة ولم ترقم في الأصل.