أقرب عالم كما مرَّ، وعن تهيئة بعض الطلبة، فأعمالهم ــ والله أعلم ــ باطلة. وإن كانوا غير مقصِّرين بل يرسلون إلى ذلك العالم فيما يَعرِض لهم، وقد هيَّأوا بعض الطلبة كما مرَّ فإنه يَسُوغ لهم في مدة انتظار عود الخبر من ذلك العالم أن يسألوا مَن كان له بعضُ إلمامٍ بالعلم من أهل بلدهم، ليطالع بعض الكتب التي بينت فيها الحكم بأدلته، ككتاب "الأم" للشافعي وغيرها، ويعملوا بما يخبرهم أنه ظهر له مع موافقته لأحد المجتهدين.
والحاصل أنهم يبذلون أقصى ما يُمكِنهم في ذلك، حتى يعود جواب العالم الجامع الشروط، فيعملون به، فإذا منَّ الله تعالى على أولئك النفر الذين رشَّحوهم لطلب علوم الاجتهاد أو بعضهم استغنَوا بهم.
على أننا لا نرى للقاصر الاقتصارَ على استفتاء عالم واحدٍ في جميع دينه، بل الأولى أن يستفتي هذا العالم في هذه المسألة، والعالم الآخر في أخرى، وهكذا. فإن اقتصر على استفتاء عالم واحد بأن لم يتيسَّر له غيره فلا بأس.
ولو أن الناس فزعوا إلى هذه الطريقة التي فتح الله علينا ببيانها لعادتِ الأرضُ مُشرِقةً بنور هذا الدين الشريف، ولم يَمْضِ زمنٌ يسيرٌ حتى تعود الأمة الإسلامية من حيث علومها الدينية كما كانت عليه في القرون الثلاثة، وكذلك من حيث عزّها وشرفها وقوتها، لأن تلك الطريقة تقضي على هذا التفرق والتحزُّب والتعصُّب قضاءً باتًا، وتصبح الأمة كما كانت بالأمس على مذهب واحدٍ، ولاسيَّما إذا تيسَّرتْ لها في الاعتقاد طريقةٌ نحو هذه. ولعل الله تعالى يفتح عليَّ ببيانها في المسألة الآتية إن شاء الله تعالى.