للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشافعي (١).

سَلَّمنا أن شرع مَن قبلنا شرعٌ لنا، لكنّا نقول: قد ورد في شرعنا ما ينسخه، وهو الأحاديث الصحيحة الصريحة التي تواترت أو كادت.

فإن قيل: وكيف تنسخون القرآن بالسنّة؟

فالجواب: أنا لم ننسخ القرآن بالسنة، وإنما نسَخْنا شرع مَن قبلنا بالسنة، وبيانُه: أن الآية ليست هي الخطاب الذي ثبت به الحكم الأول حتى يلزم من نسخه نسخها، بل الخطاب الذي ثبت به الحكم الأول هو خطابٌ كان لنبيّ تلك الأمة، وتضمّنت الآيةُ الإخبار عنه فقط، إذ السُّنَّة إنما نسخت ذلك الخطاب الذي ثبت به الحكم الأول، وهو الخطاب الواقع لذلك النبيّ، وهذا جائز واقع بلا خلاف. ولم تنسخ الإخبارَ عنه الذي تضمّنته الآيةُ حتى تكون ناسخةً للآية.

هذا، مع أن ذلك الخبر خبر عن أمرٍ قد وقع، ونَسْخ مثل ذلك محال، فتأمل.

[ص] (٢) الثانية (٣): سلّمنا أن إخبار القرآن بالشيء بدون تنبيه على خطره


(١) انظر «اللمع» (ص ١٣٦)، و «إرشاد الفحول»: (٢/ ٩٨٢ - ٩٨٥). والذي في المصادر أن هذا قول جماعة من محققي الشافعية وغيرهم، وذكر ابن السمعاني أن القول بأنه شرع لنا ما لم ينسخ هو قول أكثر الشافعية والحنفية وأومأ إليه الشافعي في بعض كتبه. انظر «قواطع الأدلة»: (٢/ ٢١١).
(٢) هذه الصفحة وما يليها من فيلم رقم (٣٥٨٤).
(٣) لعل المؤلف أراد أن الجواب عن قولهم «إن الله حكى هذا القول ولم ينكره فدلَّ على جوازه» يكون بطريقين؛ الأولى: على عدم التسليم بذلك، وقد سبقت، والثانية: على التسليم .. وهي هذه. أو يكون الكلام تابعًا لكلامٍ قبله لم نقف عليه ضمن أوراق هذا المبحث.