للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قد تبيَّن لك مما مرّ أن المجيزين للتوسُّل المتعارَف لم يثبت لهم دليل صريح، وقد أجاز بعضُهم التوسُّل بالأعمال الصالحة مطلقًا، وخصَّ غيره ذلك بأعمال المتوسّل نفسه.

وسَبَق لي قولٌ قلتُ فيه: الذي يظهر أنه لا بأس أن يتوسّل (١) الإنسان بكلِّ عملٍ من شأنه أن ينفعه في حاجته التي يريد التوسّل به فيها، ومنه حديث ثلاثة الغار؛ لأن من شأن أعمالهم تلك أن تنفعهم في الإغاثة وتفريج الكرب.

ومنه أيضًا توسّل الصحابة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم بالعباس؛ لأن الصحابة كانوا يتوسّلون بدعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهم في طلب السُّقيا، وهو عمل ينفعهم في ذلك، ثم توسّلوا بدعاء العباس لهم بالسُّقيا، وهو عمل ينفعهم في ذلك، ويُحْمَل عليه حديث الأعمى؛ لأنه لما شكا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وسأله الدعاء، توجّه قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ربِّه في إغاثته، فأمره بالوضوء والصلاة والدعاء، ويُقَدَّر مضاف في الدعاء، فكأنه قال: اللهم إني أسألك وأتوجّه إليك بتوجّه قلب نبيك محمد ... إلخ.

فإن قيل: فقد جاء في بعض الروايات: «فإن كان لك حاجة فمثل ذلك» (٢)؟


(١) قبلها كلمة «وتوسّط» نسي المؤلف أن يضرب عليها.
(٢) سبق الكلام على هذه الزيادة وإعلال شيخ الإسلام لها (ص ٢٦٨).