للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسجد فحصبني رجل، فنظرت، فإذا هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: اذهب فأتني بهذين، فجئته بهما، فقال: ممن أنتما، أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف. قال: لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ليت شعري لو رأى عمر هؤلاء الناس في بعض بيوت الله يضربون بطونهم ويرقصون ويصفقون ويغنون بالألحان، ويحرفون ذكر الله تعالى، ويذكرونه بما لم ينزل به من سلطان، ما كان يقول لهم؟ !

ثم إن في التطبيل تشتيت ذهن الذاكرين وغيرهم من المصلين، والمقصود من الذكر [ص ١٢] الإقبال على الله تعالى، وتصوّر معاني الذِّكر، والتخلّي عن سائر الشواغل والخواطر.

فإن زعموا أنه لا يشغلهم ذلك عن الذكر فقد كذبوا، فقد كان القرآن يشغل الصحابة رضي الله عنهم عن الصلاة، ولذلك ورد: «لا يَشغَلنَّ قارئُكم مُصلّيكم» (١) وما في معناه. وفي «الصحيحين» (٢) عن عائشة قالت: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها


(١) ذكره العجلوني في «كشف الخفاء»: (٢/ ٥٠٩، ٢٣٤) بلفظ: «لا يشوّش ... » ونقل عن النجم (الغزي) قوله: لا يعرف بهذا اللفظ. ونقل السخاوي في «المقاصد» (ص ٣٦١) عند كلامه على حديث: «ما أنصف القارئ ... » عن الحافظ ابن حجر قولَه: «يُغني عنه قوله - صلى الله عليه وسلم - : «لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن» وهو صحيح من حديث البياضي في الموطأ [٢٩] وأبي داود». وهو في «المسند» (١٩٠٢٢).
(٢) البخاري (٣٧٣)، ومسلم (٥٥٦).