للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيء قدير، فإن (١) لاحظوا قَصْدَ وجه الله تعالى فإنما هو تَبَعًا، أي: أنهم يتقرّبون إلى ذلك الوليِّ، والوليُّ يقربهم إلى الله تعالى زُلْفَى، وله من الله ما يشاء وهو شفيع لا يُردّ.

وأما الذبح، فإنهم ينوون به التقرّب إلى الولي، حتى إن منهم مَن يحضرون للاستسقاء بقبرٍ معروف عندهم بأنه قبر ولي، فيقدِّمون الثورَ ليُذْبح عند القبر، ويعتقدون أنه لو ذُبح بعيدًا عن قبره لم يُجْزِ، كما يعتقدون أنهم إذا لم يُمْطَروا أن في ذلك الثور نقصًا، فينظرون ثورًا أجود منه، ويذهبون به، فيذبحونه عند القبر. بل ربما اعتاد عوام بعض الجهات أن يطوفوا بالثور قبل ذبحه على القبر، ثم يذبحونه بعد ذلك، وربما لطخوا القبر بشيء من دمه، فأين إرادة الصدقة لوجه الله تعالى؟ !

قال المجيزون: إننا لا ننكر أن يكون بعض العامة غلاةً في الاعتقاد إلى نحو ما ذكرتم، ولكنهم في دعاءِ الغائب والميت مع اعتقاد أنه يسمع، والطلبِ منه مع اعتقاد أن الله تعالى أعطاه التصرّف في الكون، والنذرِ له على ما وصفتم، والذبحِ عند قبره كذلك= جُهّال، وهؤلاء معذورون بجهلهم.

وكان ينبغي لكم أن تعملوا معهم بما أمر الله تعالى به رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥]، [ص ٨٩] ولاسيَّما وإطلاقكم التكفير بهذه الأفكار يستلزم ردّ أحاديث كثيرة، كحديث: «إن الله تعالى يغفر في ليلة النصف من شهر شعبان لأكثر من عدد شعر غنم كلب» (٢). وأنتم إذا


(١) كأنها مضروب عليها، ولا يستقيم الكلام بدونها.
(٢) أخرجه الترمذي (٧٣٩)، وابن ماجه (١٣٨٩)، وأحمد (٢٦٠١٨) وغيرهم من حديث عائشة رضي الله عنها. وقد ضعَّفه الترمذي والبخاري، وذكره ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (٩١٥).