قاصرة عن فهم ذلك الشيء الواضح، أو أن بعض هذه الأشياء مما لم يتبيّن فيه الحق، ولم يترجّح جانب الحَظْر، فلا أقلّ مِن أن تكون عندهم مما لا حَرَج في تركه.
وإذًا فالاحتياط يقضي بتركها، عملًا بالأحاديث الكثيرة، كقوله صلى الله عليه وآله وسلم:«الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما مشتبهات لا يعلمهنّ كثير من [الناس]»(١) فالسلامة منحصرة في اجتناب تلك الأشياء، فمن تركها سالم لا محالة، إذ ليس فيها شيءٌ يقول المجيزون إنه فرض واجب، بل غاية الأمر أنهم يزعمون أنها مستحبة أو مباحة. وإذا تأمّلوا ما بُيِّن من الأدلة تبيّن لهم ما فيها من الخطر، فإن لم يتبين لهم فعليهم تركها؛ لأنها إن كانت كما يقول المانعون فيها الكفر وفيها الحرام والمكروه، فقد اجتنبوها، وإن كانت مباحة أو مستحبّة فلهم في تركها أجرُ اجتناب الشُّبْهة، وليس منها شيء إلا وفي الشرع ما يُغني عنه.
والمسلم مَن حَرَص على السلامة بأيّ تقديرٍ كان، ولا أسلم ولا أعلم ولا أفضل ولا أتمّ مما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه وتابعوهم، والله يهدي من يشاء إلى سراط مستقيم.