للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لفظه: قد دل الكتاب والسنة وحَضَّا على النظر والاجتهاد وترك التقليد، ووجدنا أصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم أوَّلَهم عن آخرهم ليس منهم أحدٌ أتى إلى من هو فوقه في القرب والسابقة والعلم، وأخذ قوله كله، فيقلِّده في دينه، بل رأيت كلَّ امرئٍ منهم يجتهد لنفسه.

ثم بحثنا عن عصر التابعين، فوجدناهم على تلك الطريقة، ليس منهم أحدٌ أتى إلى تابعٍ أكبر منه أو إلى صاحبٍ، فتقلّد قوله كلَّه. وكذلك أتباع التابعين ليس منهم أحدٌ أتى إلى تابعٍ أو صاحبٍ أو فقيهٍ من أهل عصره أكبر منه، فأخذ بقوله كلِّه ولم يخالفه في شيء منه، ولا أمروا بذلك عاميًّا منهم ولا خاصيًّا. وهذه القرون المحمودة الثلاثة، فعلمنا يقينًا أنه لو كان أخذُ قول عالمٍ واحدٍ بأسْرِه فيه شيء من الخير والصواب ما سبقَهم إليه مَن حدثَ في القرون المذمومة، ولو كان ذلك فضيلةً ما سبقناهم إليها.

وهذا العصر الثالث هو الذي كان فيه ابن جريج، وسفيان بن عيينة بمكة؛ وابن أبي ذئب، ومحمد بن إسحاق، وعبيد الله (١) بن عمر، وإسماعيل بن أمية (٢)، ومالك بن أنس، وسليمان بن بلال، وعبد العزيز بن أبي سلمة، وعبد العزيز الدراوردي، وإبراهيم بن سعد بالمدينة؛ وسعيد بن أبي عَروبة، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، ومعمر بن راشد، وأبو عوانة، وشعبة، وهمام بن يحيى، وجرير بن حازم، وهشام الدستوائي، وزكريا بن أبي زائدة، وحبيب بن الشهيد، وسوَّار بن عبد الله، وعبيد الله بن الحسن،


(١) في الأصل: "عبد الله" مصحفًا.
(٢) في الأصل: "أبي أمية"، وهو خطأ. والتصويب من رسالة السيوطي.