للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ} وهم ثمود {الْمُرْسَلِينَ (٨٠)} نبيهم، وهو صالح، وجمع لأن من كذب نبياً فقد كذب الكل، والحجر بين المدينة والشام.

وروى عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما (١) قالا: مررنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الحجر فقال لنا رسول الله: (لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين حذراً أن يصيبكم مثل ما أصابهم)، ثم قال: (هؤلاء قوم صالح أهلكهم الله إلا رجلاً (٢) كان في حرم الله منعه حرم الله من عذاب الله) (٣)، قيل: من هو يا رسول الله؟ قال: (أبو رغال وإليه تنسب ثقيف)، ثم أسرع حتى خلفها.

{وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٨١)} الآيات: الناقة وسقيها وشربها ودرها، وقيل: أنزل إليهم آيات من كتاب الله، وقيل: يريد بها نصب الأدلة، فأعرضوا عنها ولم يؤمنوا بها.

{وَكَانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا} ينقبون في الجبل، وقيل: يبنون من الحجارة، وأصل النحت في الخشب ثم يستعار لغيره، {آمِنِينَ (٨٢)} من الخراب ووقوع الجبل عليهم، وقيل: من العذاب، وقيل: من الموت.

{فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ} العذاب {مُصْبِحِينَ (٨٣)} في اليوم الرابع وقت الصبح.

{فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٨٤)} أي: لم تدفع عنهم أموالهم وأولادهم وبيوتهم الحصينة، بل خروا جاثمين.

{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} أي: وما خلقنا الخلائق إلا بالعدل والإنصاف، أي: لم نهلك من تقدم ذكرهم إلا بعد إقامة الحجة عليهم.

{وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ} أي: الجزاء قريب.

{فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (٨٥)} ولا تعجل عليهم.


(١) أما رواية ابن عمر فهي عند البخاري (٣٣٨٠) ومسلم (٢٩٨٠). وأما رواية جابر بن عبدالله وهي التي تبدأ بقوله (هؤلاء ... ) فقد أخرجه عبدالرزاق ١/ ٢٣١ - ٢٣٢، والطبري ١٠/ ٢٩٦ - ٢٩٧، والحاكم ٢/ ٣٢٠، وغيرهم.
وصنيع الكرماني يوهم أن الرواية واحدة، وليس كذلك كما فصلت لك، ولعله تابع الثعلبي في «الكشف والبيان» (ص ٨٩ - ٩٠) فقد جمعهما كما فعل الكرماني.
(٢) في (ب): (أهلكهم الله ورجل كان ... ).
(٣) في (ب): (منعه حرمه من عذابه).

<<  <   >  >>