للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث التاسع: منهجه في تفسير آيات الأحكام.]

يتضح من منهج المؤلف في تفسيره ميله للاختصار في آيات الأحكام فهو يشير إليها إشارات، ولا يستطيع القارئ في الجملة أن يخرج بمذهب المؤلف أو ترجيح ظاهر إلا ما ندر إذ يغلب ذكر حكاية الأقوال وسردها:

* ففي سورة فصلت: " {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ} أراد مُدَّة حمله وفصاله، وهو الفطام.

{ثَلَاثُونَ شَهْرًا} ذكر أقل الحمل، وهو ستة أشهر، ونهاية الرَّضاع، وهي حولان لقوله: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: (١٤)] , وما يزاد في أحدهما نقص من الآخر، وليس هذا حتماً واجباً، وللفقهاء فيه خلاف ".

* وفي سورة المجادلة: " {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ}: بيّن في الآية الأولى ما أن ذلك من قائليه منكرٌ وزورٌ، وبيّن في الثانية حكمَ مَن قال ذلك، ولم يقل منكم في هذه الآية؛ لأنه بيانٌ للأول، {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} حمله بعضُهم على معنى القول، وبعضُهم على عين القول. فمَن حمله على معنى القول، قالوا: تقديره: يعودون لنقض ما قالوا وإفساده. وقيل: يعودون إلى ما قالوا، وفيما قالوا من التحريم. وقيل: يرجعون عمّا قالوا. ثم اختلفوا على ثلاثة أقوال: أحدها: أن العَوْدَ إنما يكونُ بالعزم على الوطء، فيلزمه الكفارةُ بالعزم.

والثاني: أن العَوْدَ يكونُ بالإمساك، فيلزمُه الكفارةُ بالإمساك.

والثالث: أن العَوْدَ يكونُ بالوطء، فيلزمُه الكفارةُ بالوطء.

ومَن حمله على ظاهر القول وعينه اختلفوا على قولين:

أحدهما: أن العودَ إنما يكونُ بتكرار اللّفظ، وهو أنْ يقولَ: أنتِ عليَّ كظهر أمي، أنتِ عليَّ كظهر أمي. فإذا قالها مرتين صار مُظاهراً، ولزمه الكفارةُ لتكراره اللّفظَ.

والثاني: أنهم كانوا في الجاهلية يقولون للنساء إذا أرادوا الطلاقَ: أنتِ عليَّ كظهر أمي، فإذا عاد في الإسلام إلى مثل ذلك القول لزمه الكفارةُ، فعلى هذا يلزمه الكفارةُ بمجرَّد الظهار ".

<<  <   >  >>