[المبحث الرابع: منهجه في التفسير بأقوال الصحابة والتابعين.]
في عودٍ على مسمَّى الكتاب " لُباب التفاسير " كما أسماه مؤلفه - رحمه الله - يجد القارئ له أن له من اسمه نصيب فقد جمع كثيراً مما حوته التفاسير من النقول والآثار، وخصوصاً عن الصحابة، والتابعين - رضي الله عنهم أجمعين - وخصوصاً الحبر ابن عباس وتلاميذه، وابن مسعود وتلاميذه، وغيرهم من الصحابة والتابعين، وقد يورد أقوالهم ولا ينسبها إليهم مع أن القول مشهور عن ذلك الصحابي، ولعل غالب أقواله ونقوله عنهم من خلال كتابي ابن جرير ... " جامع البيان " والماوردي " النُّكت والعيون "، وهذا لا تخلوا منه أكثر الآيات في جميع السُّور، ومن ذلك:
* في سورة التكوير:" {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١)}: ابن عباسٍ - رضي الله عنهما -: "ذهب ضوؤها ".
مجاهد: " اضمحلت وبطلت ".
قتادة: "غُوِّرت، وقال: إنه فارسيّ (كوركرد). حكاه سعيد عنه ".
الضحاك: " تكويرها: ذهابها ".
الزَّجَّاج: "جُمع ضوؤها , ولُفّت كما تُلف العمامةُ "
ابن عيسى: " تكويرها تلفيفُها على جهة الاستدارة، تقول: كورت العمامة , ومنه كارة القصّار ".
* وفي سورة الفلق: " {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ}: ابن عباس والفراء والزجاج: " هو الليل ".
والغسق: الظلام. الزجاج:" لأن الليل أبرد من النهار، والغاسق: البارد ".
ابن عيسى:" الغاسق: الهاجم بضرر، من قولهم: غسقت عينه جرى دمعها، وغسقت القرحة: جرى صديدها ".
أبو هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً:" الغاسق الثُّريا، فإن الأسقام تكثر عند وقوعها وترتفع عند طلوعها "، وقيل: الغاسق: القمر، وروي عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: ... " أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيدي، ونظر إلى القمر، فقال: ((تعوذي بالله من هذا، فإنه الغاسق إذا وقب "، وقيل: هو الشمس. والكلّ مراد فإن اللفظ يحتمله ".