للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث

الحالة العلمية وأثرها في حياته

كان العصر السلجوقي عصر رواج للعلوم المذهبية والأدبية بخاصة، وعصر انطلاق للحركة المدرسية في الإسلام، إذ كان التعليم في المدارس امتداداً لحركة التعليم في المساجد.

وكان حكام السلاجقة يعتنقون المذهب الحنفي، وتبعهم وزراؤهم إلا البعض منهم، فالكندري مثلاً كان حنفي المذهب متعصباً للغاية، ثم لان في آخر أمره وفارق التعصب، بينما كان نظام الملك شافعي المذهب (١).

وإننا نجد في عصر السلاجقة علماء من المذهَبَيْن الحنفي والشافعي، وفي هذا العصر أنشئت مدارس يدرس فيها كتب المذهَبين وأُلفت كتب في كلا المذهبين، كما أنه برز جماعة من علماء التفسير وعلوم القرآن، ولعل من أبرزهم:

١ - علي بن أحمد الواحدي النيسابوري (ت ٤٦٨ هـ)، صاحب البسيط والوسيط والوجيز وأسباب النزول وغيرها.

٢ - أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني المروزي (ت ٤٨٩ هـ)، له تفسير مطبوع.

٣ - الراغب الأصفهاني الحسين بن محمد بن مفضل (ت ٥٠٢ هـ)، له تفسير مشهور، وكتاب المفردات في ألفاظ القرآن الكريم.

٤ - الكيا الهراسي عماد الدين علي بن محمد الطبري (ت ٥٠٤ هـ) له أحكام القرآن.

٥ - محيي السنة الحسين بن مسعود البغوي (ت ٥١٦ هـ)، له تفسير مطبوع.

وفي هذا العصر تم تأسيس المدارس النظامية، نسبة إلى وزير السلاجقة نظام الملك، ويمكن القول إنه تم إنشاء مدرسة في كل مدينة بالعراق وخراسان (٢)، وخصصت أوقاف لهذه المدارس تُدِرُّ عليها الأموال، وقد كانت هذه المدارس مخصصة لأصحاب المذهب الشافعي فقط، وقد كان للحنفية مدارسهم الخاصة بهم كذلك (٣).

وبهذا نعلم أن احترام العلم والعلماء كان سجية واضحة في الدولة السلجوقية منذ قيامها، ولا شك أن صاحبنا الكرماني عايش هذه النهضة العلمية وتأثَّر بها وأثَّر فيها، كما سيأتي لاحقاً عند سرد مشايخه وتلامذته - إن شاء الله تعالى -.

* * *


(١) انظر: «تاريخ دولة آل سلجوق» للعماد الأصفهاني اختصار الفتح بن علي البنداري الأصفهاني، و «السلاجقة» للدكتور أحمد حلمي (ص ٢٢٣) و (ص ٣٧٦).
(٢) «الحياة العلمية في عصر السلطان ألب أرسلان السلجوقي» للدكتور طلال الشعبان، (ص ٢٨) وما بعدها.
(٣) انظر: «السلاجقة» للدكتور أحمد حلمي (ص ٣٧٤).

<<  <   >  >>