للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمتكلمين على أنفسهم، وفقدوا الجرأة على الظهور العلني، بل وصل الأمر إلى أهل الذمة، ففي ٤٤٨ هـ ألزم طغرلبك أهل الذمة بلبس الغيار ببغداد، وهو علامة لأهل الذمة يُشَدُّ على وسطهم، قال ابن كثير: بَيَّض الله وجهه (١).

وكان للمعتزلة حضورهم في تلك الفترة، ولكنه لم يكن بدرجة ظهور الباطنية، وقد كان التشيُّع والاعتزال قد فشا في عهد البويهيين، وفشا مذهب الاعتزال بخاصة في العراق وخراسان وما وراء النهر، وذهب إليه جماعة من مشاهير الفقهاء، واستمر الأمر كذلك حتى أصدر الخليفة القادر كتاباً سماه: الاعتقاد القادري، احتوى على نقض لكثير من آراء المعتزلة، وفيه جملة جيدة من اعتقاد السلف، وأُخذت خطوط العلماء والزُّهاد بأنه اعتقاد المسلمين (٢).

وكانت كرمان في هذه الفترة -كذلك - في ازدهار معيشي رغم ماكانت تعانيه من اختلاف مذهبي، فهي منطقة زراعية ممتازة كما ذكرت سابقاً.

ولقد تأثر الكرماني بهذه الحالة الاجتماعية، وظهر أثر ذلك في تفسيره في بعض المواطن، حيث يشير أحياناً لمذهب الرافضة والمعتزلة، ويرفق ذلك بالرد عليهم كما سيأتي عند دراسة عقيدته.

* * *


(١) انظر: «البداية والنهاية» لابن كثير ١٥/ ٧٣٨.
(٢) انظر: «البداية والنهاية» لابن كثير ١٥/ ٦٨٥، و «الحاكم الجشمي» للدكتور عدنان زرزور (ص ٣٦ - ٣٧).
وقد ساق ابن الجوزي في «المنتظم» ١٥/ ٢٧٩ - ٢٨٢ هذا الاعتقاد كاملاً.

<<  <   >  >>