للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحتمل: أن المراد بالشمائل: الشمال والقدَّام والخلف؛ لأن الظل يفيء من الجهات كلها فبدأ باليمين لأن ابتداء التفيُّؤ منها أو تيمُّناً بذكرها ثم جمع الباقي على لفظ الشمال لما بين اليمين والشمال من التضاد، وينزل القدام والخلف (١) منزلة الشمال لما بينهما وبين اليمين من الخلاف.

{وَهُمْ دَاخِرُونَ (٤٨)} صاغرون، يريد سجود اضطرار لا اختيار.

{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ} بعضها بالاختيار وبعضها بالاضطرار، كقوله: {طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} [فصلت: ١١] (٢).

{وَالْمَلَائِكَةُ} خصهم بالذكر رفعاً (٣) لمنزلتهم ولأنهم لا يذنبون.

{وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩)} لأن سجودهم طوعاً، وقيل: طبعاً، وفي هذا القول نظر (٤).

{يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} أي: يخافون عذاب ربهم من فوقهم، وقيل: يخافون الله أن ينزل عليهم عذاباً من فوقهم، وليس بحال من {رَبَّهُمْ} تعالى الله عن ذلك (٥)، والملائكة موصوفون بالخوف لأنهم قادرون على العصيان وإن كانوا لا يعصون الله ما أمرهم.

{وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٥٠)} من الطاعة وغيرها.

{وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ} أي: لا تعبدوا إلهين اثنين، وقيل: لا تعتقدوا المعبود اثنين، وقيل: فيه تقديمٌ وتأخير، أي: لا تتَّخذوا اثنين إلهين؛ لأن كل مَا لَهُ ثانٍ فليس بإله؛ لأن الإله هو الذي لا ثانيَ له.

{إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} أي: الله واحد لا ثاني له.

{فَإِيَّايَ} أي: فأنا ذلك الإله الواحد {فَارْهَبُونِ (٥١)} فخافون.


(١) سقطت (والخلف) من (أ)، وهي ثابتة في (ب)، وعند أبي حيان ٥/ ٤٨٢ عندما نقله عن المصنف.
(٢) في فصلت: (فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً)، أما إن كان يقصد الآية (١٥) من سورة الرعد، فهي: (ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً)، فهي بالواو، وفي النسختين (أو) واضحة.
(٣) سقطت (رفعاً) من (ب).
(٤) قال الشيخ عبدالرحمن السعدي في «تفسيره» عند هذه الآية: (وسجود المخلوقات لله تعالى قسمان: سجود اضطرار ودلالة على ما له من صفات الكمال، وهذا عام لكل مخلوق من مؤمن وكافر، وبر وفاجر، وحيوان ناطق وغيره، وسجود اختيار يختص بأوليائه وعباده المؤمنين من الملائكة وغيرهم من المخلوقات.
(٥) بل هذه الآية من الآيات التي تثبت صفة العلو لله تعالى، وقد بين أهل السنة من المفسرين هذا الأمر، فانظر: «نكت القرآن» للكرجي القصاب ٢/ ٦٨، و «تفسير القرآن» للسمعاني ٣/ ١٧٧، وغيرهم.

<<  <   >  >>