للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ} في سبب النزول، قال ابن عباس رضي الله عنهما: نزلت في عمار بن ياسر، وذلك أن المشركين أخذوه وأباه ياسراً وأمه سمية وصهيباً وبلالاً وخباباً وسالماً فعذبوهم، فأما سمية فإنها ربطت بين بعيرين ووجيء قُبُلُها بحربة، وقيل لها: إنك أسلمت لأجل الرجال فقتلت وقتل زوجها ياسر، وهما أول قتيل في الإسلام، وأما عمار فإنه أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرهاً، وأُخْبِرَ رسول الله بأن عماراً كفر، فقال: (كلا، إن عمّاراً مليء إيماناً من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه)، فأتى عمّار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يبكي، فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح عينيه وقال (١): (إن عادوا لك فعد لهم بما قلت)، فأنزل الله هذه الآية (٢).

وقال مجاهد: نزلت في ناس من أهل مكة آمنوا وكتب إليهم المسلمون بالمدينة أن هاجروا فإنا (٣) لا نراكم منَّا حتى تهاجروا إلينا، فخرجوا يريدون المدينة فأدركتهم قريش في الطريق وفتنوهم مكرهين، ففيهم نزلت هذه الآية (٤).

قوله: {مَنْ كَفَرَ}:

الزجاج: {مَنْ} مرفوع (٥) على البدل من {الْكَاذِبُونَ (١٠٥)} ومفسر له، ولا يجوز أن يرتفع بالابتداء لأنه لا خبر له (٦). وأجاز بعضهم أن يكون رفعاً بالابتداء، وقوله: {مَنْ شَرَحَ} بدل عنه، {فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ} خبر عنهما.

وقوله {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ} أي: على التلفظ (٧) بكلمة الكفر.


(١) سقطت (وقال) من (ب).
(٢) هذا سياق الواحدي في «أسباب النزول» (ص ٤٦٦ - ٤٦٧)، وأخرجه الطبري ١٤/ ٣٧٣، عن ابن عباس، وللأثر طرق أخرى، عند الطبري ١٤/ ٣٧٤ - ٣٧٥، وأوردها السيوطي في «الدر المنثور» ٩/ ١١٩ - ١٢٣.
(٣) في (ب): (لأنا لا نراكم ... ).
(٤) أخرجه آدم في «تفسير مجاهد» (ص ٤٢٦) والطبري ١٤/ ٣٧٨، وزاد السيوطي ٩/ ١٢٢ - ١٢٣ نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٥) في (ب): (رفع على البدل ... ).
(٦) انظر: «معاني القرآن» للزجاج ٣/ ٢١٩.
(٧) في (ب): (على التلطف).

<<  <   >  >>