للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (١١٢)} وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا على قريش حين أفرطوا في أذاه فقال: (اللهم اشدد وطأتك عليهم، واجعل لهم سنين كسِني يوسف)، فقطع الله عنهم التجارات والأمطار وقحطوا سبع سنين متوالية حتى أكلوا العِلْهِزَ (١) والجيف، وأوقع خوف النبي والمؤمنين (٢) في قلوبهم (٣).

واستعار الذوق لكل ما يلذ أو يؤلم.

{وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ} يعني محمداً -صلى الله عليه وسلم-.

{فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (١١٣)} قال المفسرون إنه القتل بالسيف يوم بدر (٤)، وقيل: الجدب الشديد.

ثم خاطب المؤمنين فقال: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ} من الغنائم.

{حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (١١٤)} حكى الفقيه (٥) أبو الليث رحمه الله في تفسيره: ثم إن أهل مكة بعثوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: إن عاديت الرجال فما بال الصبيان والنساء، فأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حمل الطعام إليهم، فحمل ولم يقطع عنهم، فقال الله {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا} يعني خزاعة وثقيفاً، أي: ما أحل (٦) لكم واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون (٧).

{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٥)} سبق تفسيره في البقرة (٨).

{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ} أي: لوَصْفِ ألسنتكم الكذب.

{هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} كما قالوا في البحيرة وكما قالوا في بطون هذه الأنعام.


(١) قال ابن الأثير في «النهاية» (ص ٦٢٧): (العلهز: هو شيء يتخذونه في سني المجاعة، يخلطون الدم بأوبار الإبل ثم يشوونه بالنار ويأكلونه، وقيل: كانوا يخلطون فيه القردان).
(٢) سقطت كلمة (والمؤمنين) من (ب).
(٣) انظر: «تفسير مقاتل» ٢/ ٤٩٠، وتفسير يحيى بن سلام ١/ ٩٥، والسمرقندي ٣/ ٢٩٤ - ٢٩٥، وابن الجوزي ٤/ ٥٠١، وابن كثير ٨/ ٣٦١ - ٣٦٢.
والحديث عند البخاري (٨٠٤): (اللهم اشدد وطأتك على مضر ... ).
(٤) انظر: الطبري ١٤/ ٣٨٧.
(٥) سقطت كلمة (الفقيه) من (ب).
(٦) في (ب): (ما أحل الله لكم).
(٧) انظر: تفسير أبي الليث السمرقندي ٢/ ٢٩٥، وقاله مختصراً: الفراء في «معاني القرآن» ٢/ ١١٤، والثعلبي (ص ٢١٠)، وابن الجوزي ٤/ ٥٠١.
(٨) الآية (١٧٣) من سورة البقرة.

<<  <   >  >>