للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} يريد الكفار الذين لا ينظرون في الدلالات، وكيف (١) يعرف الدليل من لا يتأمله، وقيل: لا تفقهون تسبيحهم لأنه (٢) بغير لسانكم، وقيل: لأنها تتكلم في بعض الحالات دون بعض (٣).

{إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا} عن جهل العباد.

{غَفُورًا (٤٤)} لذنوب المؤمنين.

{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} له وجهان، أحدهما قاله قتادة والزجاج في جماعة (٤):

أي: إذا قرأت القرآن يا محمد {جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} لا يقرون بالبعث والثواب والعقاب {حِجَابًا} يحجب قلوبهم عن فهم (٥) ما تقرأه عليهم (٦)، ويقويه ما بعده من قوله {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً}.

وقوله (٧) {مَسْتُورًا (٤٥)} قيل: ساتراً، كقوله {وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} [مريم: ٦١] أي: آت.

وقيل: مستوراً عن عيون العباد.

وقيل: مستوراً أن يأتوا بمثله، يعني: القرآن (٨).

المبرد: يجوز أن يكون التقدير: حجاباً مستوراً به (٩).

وقيل: يجوز أن يكون حالاً مما تقدم لا وصفاً للحجاب.

والثاني: أن قوماً من الكفار كانوا يؤذون النبي -صلى الله عليه وسلم- ويمنعونه من الخروج إلى الصلاة فستره عن الأعين الظاهرة، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستتر من المشركين بثلاث آيات، الآية التي في الكهف {إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً} [الكهف: ٥٧]، والآية التي في النحل {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [النحل: ١٠٨]، والآية التي في الجاثية (١٠) {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: ٢٣] (١١).


(١) في (أ): (وكيف لا يعرف).
(٢) في (د): (لأنها).
(٣) في (د): (بعضه).
(٤) في (ب): زيادة: (والزجاج في جماعة أي إذا قرأت القرآن في جماعة أي إذا قرأت القرآن يا محمد)، وهذا تكرار.
(٥) سقطت (عن فهم) من (أ).
(٦) انظر قول قتادة عند الطبري ١٤/ ٦٠٨، وقول الزجاج في «معاني القرآن» ٣/ ٢٤٢ - ٢٤٣.
(٧) في (ب): (وقيل).
(٨) تكرر قوله (وقيل مستوراً عن عيون العباد) هنا في (أ) ولا داعي لها، كما أنها لم ترد في (ب) ولا (د).
(٩) نقله المؤلف في كتابه الآخر «غرائب التفسير» ١/ ٦٢٨.
(١٠) في (أ) و (ب): (في الفرقان)، والمثبت من (د) ومصادر التخريج.
(١١) انظر: تفسير أبي الليث السمرقندي ٢/ ٣١٣، والثعلبي (ص ٣٥١)، وابن الجوزي ٥/ ٤١، والقرطبي ١٣/ ٩٣.

<<  <   >  >>