للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقول الثاني: أن الآية منسوخة وهو قول سعيد بن المسيب، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنها نَسخت بالتي بعدها {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: ٣٢] فدخلت الزانية في أيامى المسلمين، ومن زنا بامرأة فله أن يتزوجها ولغيره أن يتزوجها (١).

وعن عائشة وابن مسعود والبراء (٢) رضي الله عنهم أنه لايجوز وأنهما زانيان ما اصطحبا ما اجتمعا ما عاشا (٣).

والثالث: أن النكاح هاهنا الجماع وهو قول ابن عباس، رضي الله عنهما وذهب إليه جماعة من المفسرين واحتجوا بأن الزانية من المسلمين لايجوز لها أن تتزوج مشركاً بحال وكذلك الزاني من المشركين لا يجوز له أن يتزوج بمسلمة {وَحُرِّمَ ذَلِكَ} أي: الزنا على المؤمنين (٤).


(١) انظر: الناسخ والمنسوخ للنحاس (٢/ ٥٣٨)، قال: "وهو القول الذي عليه أكثر العلماء وأهل الفتيا ... وهو قول ابن عمر، وسال، وجابر بن زيد، وعطاء، وطاووس، ومالك بن أنس، وهو قول أبي حنيفة والشافعي".
(٢) البراء تنظر ترجمته ص: ٣٧٣
(٣) وإليه ذهب الحس، فقد أخرج عنه النحاس في الناسخ والمنسوخ (٢/ ٥٤٠) أنه قال: "الزاني المجلود لاينكح إلا زانية مجلودة مثله أو مشركة، والزانية المجلودة لاينكحها إلا زان مجلود مثلها أو مشرك"، وانظر: أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ٣٣٨).
(٤) انظر: جامع البيان لابن جرير (١٧/ ١٥٧)، وأخرج نحو هذا القول عن سعيد بن جبير، ومجاهد.

قال ابن كثير في تفسيره (٣/ ٢٧٣) "هذا إسناد صحيح عنه، وقد روي عنه من غير وجه أيضاً، وروي عن مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وعروة بن الزبير، والضحاك، ومكحول، ومقاتل، وغير واحد نحو ذلك"، واختار هذا القول ابن جرير في جامع البيان (١٧/ ١٦٠)، وابن كثير في تفسيره (٣/ ٢٣٧) قال: "هذا خبر من الله تعالى بأن الزاني لايطأ إلا زانية أو مشركة، أي: لايطاوعه على مراده من الزنا إلا زانية عاصية أو مشركة لاترى حرمة ذلك، وكذلك الزانية لاينكحها إلا زان أي: عاص بزناه أو مشرك لايعتقد تحريمه".
وقد ضعف هذا القول الزجاج في معاني القرآن (٤/ ٢٣) قال: "وهذا القول بعيد، ولايعرف شيء من ذكر النكاح في كتاب الله إلا على معنى التزويج"، ورده القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (١٢/ ١٦٨) مستدلاً بقوله تعالى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠].

<<  <   >  >>