للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه وكنت جارية حديثة السن، فبعثوا الجمل وساروا ووجدت عقدي بعدما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب، فتيممت منزلي الذي كنت فيه وظننت أن القوم سيفقدونني ويرجعون إلي فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيناي فنمت، وكان صفوان بن المُعَطَّل السلمي، ثم الذكواني (١) قد عَرَّسَ من وراء الجيش (٢) فأدلج فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وقد كان يراني قبل أن يضرب علي الحجاب، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فَخَمَّرْتُ وجهي بجلبابي ووالله ما كلمني بكلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته فوطئت على يدها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة، وقد هلك من هلك فيّ، وكان الذي تولى كبره منهم عبد الله بن أبي بن سلول (٣)،


(١) صفوان بن ربيعة بن خزاعي بن المعطل السلمي، ثم الذكواني، منسوب إلى ذكوان بن ثعلبة، بطن من بني سليم، صحابي جليل، قيل: أسلم قبل غزوة المريسيع، وشهد الخندق وما بعدها، وكان يكون على ساقة النبي صلى الله عليه وسلم. قيل: كانت وفاته سنة تسع عشرة، وقيل غير ذلك.
انظر: الاستيعاب (٢/ ٢٨٠)، الإصابة لابن حجر (٣/ ٤٤٠).
(٢) قال ابن حجر في الفتح (٨/ ٣١٦) "التعريس: النزول في السفر في أيِّ وقت كان، وقيل: النزول من آخر الليل في السفر للراحة".
(٣) عبد الله بن أُبَيّ بن مالك بن الحارث الخزرجي، أبو حباب، عرف بابن سلول وهي جدته لأبيه، وهو سيد الأوس والخزرج، وكانوا قد أجمعوا على أن يُمَلِّكوه عليهم في الجاهلية، فلما جاء الإسلام غاظه ذلك، كان رأس المنافقين، وفيه نزلت آيات كثيرة، توفي في السنة التاسعة للهجرة.

انظر: البداية والنهاية (٥/ ١٣)، (٧/ ٢٣١).

<<  <   >  >>