للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{مِنْ بَرَدٍ} من لتبيين أن الجبال من البرد، والمعنى: من السماء من جبال من برد ينحدر عنها البرد على السحاب ثم على الأرض، فيكون المفعول محذوفاً أي: ينزل من جبال السماء برداً، وقيل: الثانية للتبعيض في موضع المفعول به، والثالثة للتبيين كأنه بين من أي شيء تلك الجبال، ومحله رفع كأنه قال: وينزل من السماء جبالاً فيها برد، وذهب جماعة من المفسرين إلى أن المراد بالجبال التكثير والتعظيم لا التي هي خلاف السهل، وأنشدوا لابن مقبل (١):

إذا مُتّ عن ذكر القوافي فلن ترى ... لها شاعراً مثلي أطب وأشعرا.

وأكثر بيتاً سائراً ضربت به ... بطون جبال الشعر حتى تيسرا (٢).

وقيل: السماء السحاب والجبال العظام من السحاب (٣).

ابن عيسى: {مِنْ} الأولى لابتداء الغاية، والثانية للتبعيض، والثالثة لتبيين الجنس (٤).

ابن بحر: الجبال ما جبله الله من البرد أي خلقه وكل جسم شديد جَبَل ومنه الجِبِلة (٥).

والبَرَد: ماء جامد خلقه الله في السحاب ثم ينزل. وقيل: يصير في الهواء بَرَداً.


(١) تميم بن مقبل بن عوف بن حنيف من قتيبة بن العجلان بن كعب بن ربيعة، أدرك الإسلام فأسلم، كان شاعراً مجيداً يبكي أهل الجاهلية، مات عن مائة وعشرين سنة في خلافة عمر رضي الله عنه.
انظر: الإصابة (١/ ٣٧٧).
(٢) الشطر الثاني سقط من ب، والبيتين لتميم بن مقبل في ديوانه (١٣٦)، وفي بعض ألفاظمها تغيير، حيث يقول:
إذا مت عن ذكر القوافي فلن ترى ... لها تالياً مثلي أطب وأشعرا.
وأكثرَ بيتاً مارداً ضُرِبْتُ له ... حُزونُ جبال الشعر حتى تيسرا.
(٣) انظر: جامع البيان لابن جرير (١٧/ ٣٣٧).
(٤) انظر: غرائب التفسير (٢/ ٨٠١).
(٥) انظر: المصدر السابق (٢/ ٨٠١).

<<  <   >  >>