للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} السِّر: إخفاء المعنى في القلب، أي: ينزله على ما يقتضيه علمه بباطن الأمور.

{إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا} عن جهل العباد فلا يعجل. {رَحِيمًا} لمن آمن.

{وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} أي: لِمَ يأكل كما نأكل، ولم يمشي في الأسواق كما نمشي فهلا امتاز عنا بترك الأكل والمشي في الأسواق، وهذا خطأ منهم (١) لأن الامتياز والتفاضل يوجدان مع بقاء صفة الجنسية وذلك إذا فُضّل بالرسالة.

{لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} أي: هلَاّ ولهذا نُصب الجواب، والمعنى: هلَاّ كان معه مَلَكٌ يدل على صدقه ويكون معيناً له في الإنذار، وهذا أيضاً خطأ لأن ذلك يؤدي إلى استصغار كل واحد منهما حيث لم يقم بنفسه في أداء الرسالة، ولأن الجنس إلى الجنس أَمْيَل وبه آنس.

وقيل: {مَعَهُ نَذِيرًا} يرجع إلى رأيه.

{أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ} مال.

قال الحسن: "والله ما زواها عن نبيه إلا اختياراً ولا بسطها لغيره إلا اغتراراً" (٢)، وحسن عطف {يُلْقَى} و {تَكُونُ} وهما مضارعان على {أُنْزِلَ} وهو ماضٍ دخول المضارع بينهما فيكون معه.

{أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ} بستان. {يَأْكُلُ الْجُودِيِّ} من ثمرها. وقيل: يختص بأكلها حتى يتبين في مأكله أيضاً، وهذا أيضاً خطأ حيث لا منافاة بين الفقر والرسالة، وقُرئ (نأكل) بالنون أي: يأكل هو ويؤكلنا، ويحتمل أنهم قالوا (نأكل) بالنون استهزاء (٣).


(١) في ب: "وهذا خطأ"، بغير "منهم".
(٢) انظر: النكت والعيون (٤/ ١٣٣).
(٣) قرأ حمزة والكسائي وخلف (نأكل) بالنون، وقرأ الباقون بالياء (يأكل).

انظر: الحجة لابن خالويه (٢٦٤)، التبصرة لمكي بن أبي طالب (٢٧٥).

<<  <   >  >>