للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{طس تِلْكَ آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (١)} سبق القول في الحروف، وفي (تلك)، (وذلك)، وقال في هذه السورة {آَيَاتُ الْقُرْآَنِ وَكِتَابٍ}، وقال في الحجر {آَيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآَنٍ} [الحجر: ١]، لأن القرآن والكتاب اسمان عَلَمان للمنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ووصفان لأنه يُقرأ ويُكتب فحيث جاء بلفظ التعريف فهو العلم، وحيث جاء بلفظ النكرة فهو الوصف وإن شئت قلت مما يجريان مجرى العباس وابن عباس فهو في الحالين اسم العلم، والتقدير: تلك آيات القرآن، وآيات كتاب مبين بييّن الحلال والحرام والأمر والنهي.

{هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢)} أي: القرآن هدى من الضلالة وبشرى بالجنة. وقيل: هدى لجميع الخلق وبشرى للمؤمنين خاصة (١).

وقيل: هدى للمذنبين (٢) وبشرى للمؤمنين (٣)، وخصهم بالذكر لانتفاعهم به.

ومحل {هُدًى وَبُشْرَى} رفع بالخبر، أو بالخبر بعد الخبر، ويجوز النصب على الحال كقوله

{وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا} [هود: ٧٢].

{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} المفروضة.

{وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} قيل: زكاة مالهم (٤).

وقيل: تطهير أبدانهم (٥).

ابن عباس رضي الله عنهما: الإخلاص وطاعة الله (٦).


(١) انظر: معالم التنزيل (٦/ ١٤٣).
(٢) في ب: " هوى للمذنبين " وهو تصحيف.
(٣) انظر: الوسيط للواحدي (٣/ ٣٦٨).
(٤) قاله عكرمة، وقتادة، والحسن.
انظر: النكت والعيون (٤/ ١٩٣).
(٥) حكاه الماوردي في النكت والعيون (٤/ ١٩٣).
(٦) أخرجه ابن ابي حاتم في تفسيره (١٠/ ٣٢٧٠)، وابن جرير في تفسيره (٢٠/ ٣٧٩).

اختلف المفسرون في المراد بالزكاة هنا، فذهب ابن عباس رضي الله عنهما، ومجاهد، وعكرمة إلى أن المراد بها زكاة النفس وطهارتها من الشرك وغيره، ذلك لأن السورة مكية وفرض الزكاة إنما كان في المدينة، وهي كقوله تعالى ({قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: ٩]، واختار هذا القول ابن عطية في تفسيره (٥/ ٥)، وابن كثير في تفسيره (٤/ ٩٩)، وهو الأقرب.
وذهب قتادة إلى أن المراد بها زكاة الأموال، واختاره ابن جرير في تفسيره (٢٠/ ٣٨٠)، وهو معارض بكون السورة مكية إلا أن يراد بالزكاة أصل فرضها. والله أعلم.

<<  <   >  >>