للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: الماضي هاهنا في تقدير المستقبل كقوله {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ} [الأعراف: ٤٤] أي: يتدارك علمهم في الآخرة بل هم في شكٍ منها في الدنيا (١).

ومن قرأ (أدرك) فهو بمعنى المستقبل أي: يدرك علمهم في الآخرة إذا عاينوها فلا ينفعهم.

وقيل: {بَلِ} بمعنى أم كالوجه الأول أي: لم يدرك (٢).

وقيل: تقديره بل أدرك، والاستفهام مقدر من غير أن يحمل {بَلِ} على معنى أم (٣).

قال الفراء: " هذا على وجه الاستهزاء به كما تقول لمن يدعي علم شيء فهو جاهل به نعم قد عرفته حق المعرفة إستهزاءً به " (٤).

ومعنى أدرك الشيء: تم بلوغه، ومعنى تدارك: حصل شيئاً بعد شيء، والعمي هو الذي أصيب بصيرته.

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآَبَاؤُنَا أَمْنًا لَمُخْرَجُونَ (٦٧)} أي: إذا صرنا تراباً وصار آباؤنا كذلك نخرج من قبورنا أحياءً هذا لا يكون! ، والعامل في (إذا) فعل مضمر دل عليه {لَمُخْرَجُونَ} أي: أنبعث إذا كنا تراباً؛ لأن ما بعد أن لا يعمل فيما قبله، {وَآَبَاؤُنَا} عطف على المضمر في {كُنَّا} وقام المفعول مقام الضمير المنفصل. وقيل: رفع بالابتداء أي: وأباؤنا كذلك.

{لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ} في الأزمنة المتقدمة.

{إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٦٨)} مكتوب كتب وأتى عليه السنون والدهور فلم يُر شيء خرج إلى الوجود ولا حقيقة لمعناه.


(١) حكاه الزجاج معاني القرآن (٤/ ٩٦).
(٢) حكاه ابن جرير في جامع البيان (١٨/ ١١٠) عن قتادة.
(٣) حكاه ابن جرير في جامع البيان (١٨/ ١١٠) عن مجاهد.
(٤) من " كما تقول " إلى " إستهزاءً به " ساقط من ب.
وانظر: معاني القرآن للفراء (٢/ ٢٩٩).

<<  <   >  >>