للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧)} أي: يبلغ مبلغ النبوة فيكون من المرسلين، وفي هذه الآية أمران، ونهيان، وخبران، وبشارتان (١).

{فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ} أي: فأرضعته وألقته في اليم بعد ما خافت عليه على الصفة التي أمرت بها في قوله {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ} [طه: ٣٩]، فجاءت إلى النجار وأمرت أن يجعل لها تابوتاً طوله خمسة أشبار في عرض خمسة فعلم النجار بذلك، فجاء إلى الموكل بذبح البنين، فاعتقل لسانه فرجع، ثم عاد مرات فعلم أنه من الله فأقبل على النَّجْر.

وقيل: لما فرغ من صنعة التابوت نمّ إلى فرعون يخبره فبعث معه من يأخذه فطمس الله على عينيه وقلبه فلم يعرف الطريق وأيقن أنه المولود الذي يخافه فرعون فآمن في الوقت وهو مؤمن آل فرعون، واسمه خَربيل (٢).

ومعنى (التقطه): وجده من غير طلب، تقول لقيت فلاناً إلتقاطاً إذا وردت عليه من غير قصد إليه، وقال الشاعر (٣):

ومنهل وردته التقاطا ... لما ألق إذ وردته فُرَّاطا.

إلا الحمام الورق والغطاطا ... . . . . . . . . . . . . . . . . (٤)


(١) فالأمران هما: {أَرْضِعِيهِ}، و {فَأَلْقِيهِ}، والنهيان هما: {وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي}، والخبران هما: {وَأَوْحَيْنَا}، {خِفْتِ عَلَيْهِ}، والبشارتان هما: {رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}. .
(٢) انظر: الكشف والبيان للثعلبي (٧/ ٢٣٥)، النكت والعيون (٤/ ٢٣٦).
(٣) في أ: " قال ".
(٤) هذا الرجز لأبي محمد الفقعسي، وتمامه: فهن يُلْغِطن به إلغاطا.
وهو مثل يضرب لمن لقيته التقاطاً أي: من غير طلب ولا عمد.

انظر: إصلاح المنطق لأبي يوسف يعقوب بن إسحاق (٩٦)، فصل المقال في شرح كتاب الأمثال لأبي عبيد البكري (٥٠٨).

<<  <   >  >>