للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال: عليه الصلاة والسلام أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو الجهم فلا يرفع عصاه عن أهله ولكني أزوجك من زيد فقالت: لا أرضاه وأنا أَيِّمُ قريش وابنة عمتك. فقال صلى الله عليه وسلم: لكني أرضاه لك ونزلت الآية (١)، فرضيت.

ثم بعد أن تزوجها زيد أتى النبي صلى الله عليه وسلم منزل زيد لحاجة فرأى زينب في درع وخمار فقال: سبحان الله مقلب القلوب وخرج، فلما عاد زيد أعلمته زينب ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم فعلم أنها وقعت في قلبه، وفي بعض الروايات فكرهت إليه في الوقت فأراد أن يفارقها.

وروي عن زينب أنها قالت: لما وقعت في قلب النبي صلى الله عليه وسلم لم يستطعني زيد وما امتنع منه غير ما يمنعه الله مني فلا يقدر على ذلك فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن زينب فيها كبر وأنا أريد طلاقها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أمسك عليك زوجك واتق الله وفي نفسه حب تزوجها أن لو طلقها، وهو قوله {فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} (٢)


(١) قصة خطبة معاوية بن أبي سفيان وأبو الجهم ليست لزينب بت حجش كما ذكر المصنف، وإنما هي لفاطمة بنت قيس، وكانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي، فطلقها، فأشار عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسامة بن زيد فتزوجت به، وقد أخرجها مسلم في الصحيح (ك: الطلاق، باب: المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها، ح: ١٤٨٠)، لكن لم تنزل الآية في شأنها، ولم يتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم، والصحيح أن الآية نزلت في شأن زينب بنت جحش بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور (١٢/ ٣٥) لابن سعد.
وكل هذه الأخبار لا أصل لها، وهي ساقطة الأسانيد، ولا تليق بمقام نبينا عليه الصلاة والسلام، وقد أبطلها كثير من الأئمة، لأنه لم يكن وقت ذاك قد فرض الحجاب.

قال صاحب المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: "وقد اجترأ بعض المفسرين في تفسير هذه الآية، ونسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا يليق به ويستحيل عليه؛ إذ قد عصمه الله منه ونزَّهه عن مثله .. وإنما تفسيرها أن الله أعلم نبيه بكونها زوجة له، فلما شكاها زيد له وأراد أن يطلقها قال له: أمسك عليك زوجك واتق الله، وأخفى في نفسه ما أعلمه الله به مما هو مبديه بطلاق زيد لها، وتزويج النبي صلى الله عليه وسلم لها" أ. هـ بتصرف يسير.
وانظر: أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ٥٧٧)، المحرر لابن عطية (٤/ ٣٨٦).

<<  <   >  >>