للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالت عائشة: " لو كتم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا مما أنزل عليه لكتم هذه الآية" (١).

وقال الحسن: "ما أتت عليه أشد منها" (٢).

وقال القفال: " ليس في هذه القصة عتاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا إضافة مكروه إليه فيما كان منه، وذلك أنها إن وقعت بقلبه فلا لوم عليه فيه لأنه ليس من فعل العبد" (٣). ومعنى الآية: أن الله أخبره بإكرامه إياه بإيصاله إلى محبته فقال {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ} أي: تقول هذا عاملاً بما يلزمك أن تعمله لأن من يقع في قلبه استحسان امرأة غيره فلا لوم عليه في ذلك ولا عيب، ولكن ينبغي له أن لا يظهر لذلك أمرًا يخرج معه إلى مساءة زوج المرأة، ولا أن يسعى في إفساد ما بينهما بإغراء، وتضريب، وسعاية، وإكراه على الفراق فإذا لم تفعل هذا فقد جاهدت نفسك وعلى الله ثوابك.

{وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} وهو محبتك لأن تَبِينَ من زوجها فتتزوجها، فتقضي وطرك منها بالوجه الذي أباحه الله لك, وهذا أيضاً مدح له (٤).

{وَتَخْشَى النَّاسَ} أي: قَالة الناس لو أظهر الله ما أخفيت فيزوجكها بأن يقولوا: نكح امرأة ابنه، أو يقولوا هَوِيَها فَعَلِمَ بذلك زيد فطلقها.


(١) أخرجه البخاري (ك: التوحيد، باب: وكان عرشه على الماء، ح: ٧٤٢٠).
(٢) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (١٩/ ١١٥).
(٣) لم أقف على قول القفال، والله أعلم.
(٤) وهو القول لايليق بالنبي عليه الصلاة والسلام، والصواب أنه أخفى في نفسه ما أعلمه الله به من أنها ستكون من أزواجه.

<<  <   >  >>