للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} في هذه الآية أقوال:

علي، وابن عباس رضي الله عنهما، والضحاك، ذهبوا إلى أنها منسوخة بالآية التي سبقت وهي {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} وإلى هذا ذهبت عائشة رضي الله عنها، وقالت: "ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له النساء " (١).

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: " لم يَمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء من شاء إلا ذات مَحْرم " (٢).

ولا يمتنع صحة هذا التأويل لتقدم الآية الناسخة على المنسوخة، لأن ذلك في التلاوة لا في النزول كما قلنا {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: ٢٣٤] في البقرة (٣).

والقول الثاني: أنها محكمة، وأن الله أحل لنبيه نساءه التسع وستة أصناف أخرى؛ بنات العمّ، وبنات العمة، وبنات الخال، وبنات الخالة، وامرأة مؤمنة تهب نفسها للنبي (٤)، وماشاء من الإماء، وحرم ما سوي ذلك من الكتابيات، والعربيات النسب كما تقدم في الآية الأولى وهي {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} الآية (٥).


(١) أخرجه الترمذي في جامعه (ك: التفسير، تفسير سورة الأحزاب، ح: ٣٢١٦) وقال: "حديث حسن صحيح".
(٢) عزاه ابن كثير في تفسيره (٣/ ٥٠٩)، والسيوطي في الدر (١٢/ ١٠٢) لابن أبي حاتم.
(٣) وهو قول مجاهد، وقتادة، وابن زيد، والنحاس في الناسخ والمنسوخ (٢/ ٥٨٨)، وهبة بن سلامة في الناسخ والمنسوخ (١٤٤) قال: "وهي من أعاجيب القرآن المنسوخ نسخها الله بآية قبلها في النظم وقي قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} ".
(٤) في أ "وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي".
(٥) وهو قول مجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وجابر بن زيد، وعليه تكون الآية محكمة.

انظر: الناسخ والمنسوخ لمكي بن أبي طالب (٣٨٧)، النكت والعيون (٤/ ٤١٧)، زاد المسير (٦/ ٤١١).

<<  <   >  >>