للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والرابع: أن التقدير: خلقكم من نفسٍ واحدةٍ خلقها ثمَّ جعل منها زوجها (١).

{وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} قيل: (أنزل): بمعنى جعل (٢).

وقيل: أنزلها من الجنة.

وقيل: (أنزل): بمعنى: خلق.

وقيل: عبَّر عن الخلق بالإنزال لما فيه (٣) من معنى الرِّفعة والاعتلاء، كما يقال: رفعت القصَّة إلى الأمير، وإن كان الأمير في سَرَبٍ.

وقيل: لأنها لا تقوم إلا بالنبات، والنبات من المطر، والمطر ينزل من السَّماء، فكأنَّ الأنعام منزَّلٌ (٤).

والأنعام عند الانفراد يقع على الإبل خاصة، والمراد بها هاهنا ما بُيِّنَ في سورة الأنعام: ... {مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ} [الأنعام: ١٤٣] {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ} [الأنعام: ١٤٤] (٥).

وخصَّت هذه بالذِّكر؛ لكثرة الانتفاع بها من اللبن، واللحم، والجلد، والشعر، والوبر (٦) (٧).


(١) انظر: جامع البيان (٢٣/ ١٩٤)، معاني القرآن؛ للنَّحاس (٦/ ١٥٢)، أحكام القرآن؛ للجَصَّاص (٣/ ٥٠٦)، المحرر الوجيز (٤/ ٥١٩)]، وقد رجَّح ابن جرير القول الأول حيث قال: " والقول الذي يقوله أهل العلم أولى بالصواب، وهو القول الأول الذي ذكرت أنَّه يقال: إنَّ الله أخرج ذرية آدم من صلبه قبل أن يخلق حواء، وبذلك جاءت الرواية عن جماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " [جامع البيان (٢٣/ ١٩٤)].
(٢) انظر: تفسير مقاتل (٣/ ١٢٧)، جامع البيان (٢٣/ ١٩٤).
(٣) في (ب) " بما فيه ".
(٤) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " ولا حاجة إلى إخراج اللفظ عن معناه المعروف لغة؛ فان الأنعام تنزل من بطون أمهاتها، ومن أصلاب آبائها تأتى بطون أمهاتها" [مجموع الفتاوى: (١٢/ ٢٥٤)].وقال ابن جزي: " وهذا بعيدٌ ". ... [التسهيل (٣/ ١٩١)].
(٥) أي الذكر والأنثى من الضأن والمعز والبقر والإبل، فهي ثمانية، وهو الأشهر عند الإطلاق.
(٦) الوَبَرُ: صوف الإبل والأرانب ونحوها، والجمع: أوبار [انظر: لسان العرب (٥/ ٢٧١)، مادة (وَبَرَ)].
(٧) قال بنحوه ابن سعدي، وزاد: " ولاختصاصها بأشياء لا يصلح غيرها، كالأضحية والهدي والعقيقة، ووجوب الزكاة فيها، واختصاصها بالدِّية ". [تيسير الكريم الرحمن؛ لابن السعدي (ص: ٧١٩)].

<<  <   >  >>