للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقال أحدهم: أترى الله يسمع ما نقول؟ فقال الآخر: إذا رفعنا أصواتنا (١) يسمع، وإذا لم نرفع لا يسمع، وقال الآخر: إن كان يسمع إذا رفعنا صوتنا، فهو يسمع إذا خفضنا، فأتيت النَّبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له؛ فأنزل الله {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ} الآية (٢).

واختلف في {تَسْتَتِرُونَ} فقال بعضهم معناه: تستخفون (٣)، والمعنى: لم يكن يُمكنكم أن تستتروا أعمالكم عن أعضائكم؛ لأنَّها أعوانكم فجعلها الله شهوداً عليكم.

وقيل معناه: ما كُنتم تتركون المعاصي حذراً أن تشهد عليكم جوارحكم.

واستخفاؤها من الجوارح: تركها فحسب.

وقيل: لم تكونوا تخافون أن تشهد عليكم فتستروا (٤) منها.

وأصله: ما كنتم تستترون من أن تشهد؛ لأنَّ استتر لازم، والتقدير: أن لا تشهد فحذف لا؛ لأن {لَا} في قوله: {وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ} يدل (٥) عليه. وقيل: وما كان قصدكم باستتاركم وقت المعاصي أن تستروها من الجوارح؛ فإنَّ ذلك غير ممكن، لكن


(١) في (ب) " أصواتهم ".
(٢) الحديث أصله في الصحيحين، فقد أخرجه البخاري (بنحوه) في كتاب التفسير، باب: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢)}، برقم (٤٨١٦)، وفي كتاب التفسير أيضاً، باب: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)} برقم (٤٨١٧)، وأخرجه مسلم (بنحوه) في كتاب صفات المنافقين، وأحكامهم، باب: صفات المنافقين، وأحكامهم، برقم (٦٩٥٩)، وفي جميع الروايات لم يرد ذكر الأسماء، وهذا لفظ الثعلبي في تفسيره (٨/ ٢٩١).
(٣) في (ب) "تستحقون ".
(٤) في (ب) "فتستترون ".
(٥) في (أ) " بدل ".

<<  <   >  >>