للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال القَفَّال: " هذا من ضرب في الأرض إذا أبعدَ، وأنشد:

أضرب عنك الهموم طارقها ... ضربك بالسيف قَوْنَس الفرس." (١) (٢)

والصفح: الإعراض مصدر من غير لفظ الفعل السابق، والأصل فيه: أن تولِّي (٣) الشيء صفحة عنقك (٤).

وقيل: نُصِبَ على الحال، أي: صافحين، ولا يمتنع أن يكون مفعولاً له.

وتأويل: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا} أي: نكف ونمسك عنكم إنزال القرآن، والتذكير بالوعد والوعيد صفحاً إعراضاً عن تنبيهكم.

وقيل: المراد بالذِّكر: هو أن يُذَكَّروا بالعقوبة، أي: يعاقبوا.

وقيل: ضرب الذِّكر: رفْعُ القرآن عن الأرض، أي: أفنرفع القرآن من بين أظهركم لإشراككم مع علمنا بأنَّه سيأتي من يقبله ويعمل به.

السُّدِّي: " أفنترككم سُدى لا نأمركم ولا ننهاكم " (٥).

النَّقاش: " نُهملكم فلا نُعَرِّفكم ما يجب عليكم " (٦).

والأليق بالآية ذكر العذاب لقوله تعالى: {فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا} (٧).

{أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (٥)}: مشركين، قرئ بالفتح أي: لأن كنتم، وبالكسر، وله وجهان: أحدهما: أن يكونوا قوماً مُسرفين نضرب.


(١) البيت منسوب لطرفة، كما قال ابن بري، وقونس الفرس: ما بين أذنيه وقيل عظم ناتئ بين أذنيه، وقيل: مقدم رأسه [انظر: لسان العرب (٦/ ١٨٣) مادة " قنس "، الكشاف (٤/ ٢٤١)، المحرر الوجيز (٥/ ٤٩٦)].
(٢) لم أقف عليه.
(٣) في (ب) " أن يولِّي ".
(٤) انظر: معاني القرآن؛ للنَّحَّاس (٦/ ٣٣٤)، المفردات (ص: ٤٨٦) مادة " صَفَحَ "، لسان العرب (٢/ ٥١٢)، مادة " صَفَحَ "
(٥) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (٢٥/ ٤٩)، وأورده البغوي في تفسيره تفسير البغوي (٧/ ٢٠٦)، وابن الجوزي في زاد المسير (٧/ ١٢٨).
(٦) انظر: النكت والعيون (٥/ ٢١٦).
(٧) وهو اختيار ابن جرير والزجاج وغيرهما [انظر: جامع البيان (٢٥/ ٤٩)، معاني القرآن؛ للزَّجاج (٤/ ٣٠٨)، تفسير الثعلبي (٨/ ٣٢٧)].

<<  <   >  >>