للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووجه رابع: وهو أن يُجعل " مَنْ " بمعنى " ما " المصدر، فيكون التقدير: لا يملك المدعوون إلا الشهادة. حكاه القفَّال (١) (٢).

ومثلُ حمل " مَنْ " على المصدر حملهم " الذي " عليه في قوله: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ} [الشورى: (٢٣)]، وقد سبق (٣) (٤).

ومعنى {شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦)}: إذا حملته على الملائكة والنبيين، أي: الذين يُخلصون الوحدانية على علمٍ منهم ويقين.

وقيل: إلا من شهد من الملائكة له بأنَّه كان على دين الحقِّ مع علمهم بذلك منهم.

ومن حمله على المؤمنين فمعناه إلا من قال: لا إله إلا الله على علم وعقيدة خلاف ما يقوله المنافق (٥).

ابن بحر: " الشفاعة ها هنا الشِّركة، و {مَنْ شَهِدَ} بمعنى: الشهادة " (٦).

{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ} أي: المعبودين (٧) من خلقهم {لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}، وقيل: ولئن سألت العابدين.

وقوله: {فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧)} محمول في الوجهين على العابدين، والمعنى: يصرفون عن الحق إلى الباطل، وقيل: فأنَّى يُكَذِّبون.

{وَقِيلِهِ يَا رَبِّ}: الهاء تعود (٨) إلى النَّبي - صلى الله عليه وسلم - (٩).

وقد تقدم ذكره بالكناية في قوله: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ}.

أبو علي: " يعود إلى عيسى - عليه السلام -، لأنَّه المذكور في آخر هذه السورة " (١٠).

{يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (٨٨)} قاله حين يئس (١١) من صلاح قومه، وأراد به تصبير محمد - صلى الله عليه وسلم - (١٢).

ابن بحر: "يعود الضمير إلى (١٣) {مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ} " (١٤)، أي: لا يُقبل منه (١٥) إلا الشهادة بالحقِّ.

وقوله: {يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ (٨٨)} الوجه (١٦) هو الأول (١٧)، والمعنى: إنَّ هؤلاء قوم ليس من هِمَمِهِم الإيمان والتصديق بالحقِّ، لتركهم النَّظر، وركونهم إلى الباطل (١٨).

قُرئ بالنَّصب والجرِّ. الجرُّ بالعطف على الساعة، أي: عنده علم السَّاعة، وعلمُ قيله.

والنَّصبُ بالعطف على محلِّ العِلم.

وقيل: بالعطف على قوله: سِرَّهُمْ {وَنَجْوَاهُمْ} و {وقِيْلَهُ}.

وقيل: نصب على المصدر، أي: قال: قيله يارب (١٩).


(١) في (ب) " حكاها القفال ".
(٢) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٠٧٠).
(٣) انظر: (ص: ٣٠٥).
(٤) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٠٧٠).
(٥) انظر: جامع البيان (٢٥/ ١٠٥)، النكت والعيون (٥/ ٢٤٢)، تفسير السمعاني (٥/ ١١٩).
(٦) انظر: النكت والعيون (٥/ ٢٤١).
(٧) في (أ) " المعبودون ".
(٨) في (أ) " يعود ".
(٩) تفسير مقاتل (٣/ ٢٠٠)، جامع البيان (٢٥/ ١٠٦).
(١٠) انظر: الحُجَّة (٦/ ١٥٩).
(١١) في (ب) " حين يبين ".
(١٢) انظر: جامع البيان (٢٥/ ١٠٦)، تفسير الثعلبي (٨/ ٣٤٧) الوجيز؛ للواحدي (٢/ ٩٨٠).
(١٣) في (أ) " يعود إلى الضمير إلى ".
(١٤) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٠٧٠).
(١٥) " منه " ساقطة من (أ).
(١٦) في (أ) " والوجه ".
(١٧) المعنى غير واضح.
(١٨) انظر: تفسير مقاتل (٣/ ٢٠٠).
(١٩) قرأ عاصم وحمزة {وَقِيلِهِ} بكسر اللام، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وأبو عمرو والكسائي ... {وقِيْلَهُ} نصباً [انظر: معاني القرآن؛ للفراء (٣/ ٣٨)، جامع البيان (٢٥/ ١٠٦)، السبعة (ص: ٥٨٩)، معاني القراءات (ص: ٤٤١)، الحجة (٦/ ١٥٩)، التيسير (ص: ١٦٠)].

<<  <   >  >>