للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال السُّدِّي: "فاستجاب الله فيه دعوة أبي بكرٍ - رضي الله عنه -، فأسلم وحسن إسلامه، ولقد رأيته وما بالمدينة أعبد منه، - قال-: "ولمَّا أسلم نزلت فيه: " {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا} " (١).

وأنكر أكثر المُفسرين هذا؛ لِما رُوي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنَّها قالت لمروان بن الحكم حين خطب ليزيد (٢) بالمدينة فأثنى على معاوية، وردَّ عليه عبد الرحمن، فقال مروان: هذا الذي قال لوالديه {أُفٍّ لَكُمَا}: كذبت؛ فإنَّها نزلت في أبيك وأخيك وفي رواية قالت: والله ما هو به ولو شئت لسمَّيته، ولكنَّ الله لعن أباكَ وأنت في صُلبه، فأنت ممن لعن الله " (٣).

قال الزَّجاج: " يدل على أنَّها ليست في عبد الرحمن أنَّ الله تعالى أخبر بأنَّه من أهل النار في قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} " (٤).

قال (٥) مجاهد: " نزلت في عبد الله بن أبي بكر - رضي الله عنه - (٦) إلى آخر القصَّة " (٧) (٨).


(١) انظر: النكت والعيون (٥/ ٢٨٠)، غرائب التفسير (٢/ ١٠٩٥).
(٢) يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية، أبو خالد، القرشي، الأموي، الدمشقي، ثاني ملوك الدولة الأموية في الشام، وولي الخلافة بعد وفاة أبيه سنة ستين للهجرة وأبى البيعة له عبد الله بن الزبير والحسين بن علي، له على هناته حسنة، وهي غزو القسطنطينية، وكان أمير ذلك الجيش وفيهم مثل أبي أيوب الأنصاري، قال الذَّهبي: ... " ويزيد ممن لانَسُبُّه ولانُحِبُّه "، توفي سنة أربع وستين للهجرة [انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ: سِيَرُ أعلام النُّبَلاء (٤/ ٣٥)، الأعلام (٨/ ١٨٩)].
(٣) انظر: معاني القرآن، للزَّجاج (٤/ ٣٣٨) غرائب التفسير (٢/ ١٠٩٥)، تفسير السمعاني (٥/ ١٥٥)، تفسير البغوي (٧/ ٢٥٩)، المحرر الوجيز (٥/ ٩٩)، وحديث عاشة - رضي الله عنها - وأصل الحديث في البخاري في كتاب التفسير، باب: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آَمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٧)} برقم (٤٨٢٧). وأورده أبو الليث في تفسيره (٣/ ٢٧٥)، والثعلبي في تفسيره (٩/ ١٣)، قال الحافظ ابن حجر: " نفي عائشة أن تكون نزلت في عبد الرحمن وآل بيته أصحُّ إسناداً، وأولى بالقبول " [فتح الباري (٩/ ٥٤٩)].
(٤) معاني القرآن (٤/ ٣٣٨).
(٥) " قال " ساقطة من (أ).
(٦) عبد الله بن عبد الله بن عثمان، وهو عبد الله بن أبي بكر الصديق، وهو أخو أسماء بنت أبي بكر لأبويها، أمها قُتَيلة، من بني عامر بن لؤي، وهو الذي كان يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأباه أبا بكر بالطعام وبأخبار قريش إذ هما في الغار، كل ليلة، وكان إسلامه قديماً، ولم يسمع له بمشهد إلا شهوده الفتح، وحنيناً، والطائف، وقد شهد الطائف مع ... رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرمي بسهم، رماه أبو محجن الثقفي فجرحه، فاندمل جرحه، ثم انتقض به، فمات منه - رضي الله عنه - أول خلافة أبيه أبي بكر، وذلك في شوال من سنة إحدى عشرة للهجرة. [انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ: الاستيعاب (٣/ ١١)، أسد الغابة (٣/ ٣٠٠)، الإصابة (٤/ ٢٤)].
(٧) انظر: تفسير الثعلبي (٩/ ١٣)، النكت والعيون (٥/ ٢٨٠)، فتح الباري (٩/ ٥٤٩).
(٨) قال الحافظ ابن حجر في الفتح: "والقول في عبد الله كالقول في عبد الرحمن فإنه أيضاً أسلم، وحَسُن ... إسلامه ". [فتح الباري (٩/ ٥٤٩)].

<<  <   >  >>