للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثالث: رأى في المنام أن ملَكَاً قال له: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ}، ثم إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر بها أصحابَه، فلمَّا صُدُّوا عن البيت، وأظهر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الرغبة في الانصراف على الصلح، قال بعضُهم لبعض: أليس كان يعدُنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ نأتيَ البيتَ فنطوفَ به؟ فأجابه بعضٌ: هل أخبركم أنكم تأتونه العامَ؟! فقال (١): لا، قال: فإنكم تأتونه وتطوفون بالبيت، فأنزل الله: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} (٢): أي: بتحقيقه ما أراه، وهو أنْ يكونَ ما أراه كما أراه.

ويحتمل أنْ يكونَ {بِالْحَقِّ} قَسَماً {لَتَدْخُلُنَّ} جوابُه، فيحسُن الوقفُ على ... {الرُّؤْيَا} (٣).

ومعنى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ}: أي مُحرمين بالعمرة.

{إِنْ شَاءَ اللَّهُ}: في الاستثناء (٤) أقوال:

أحَدُهَا: أنَّه حكايةٌ لقول الملَك، الذي قال له في المنام، فأخبر اللهُ أنَّ ذلك كان منه وبأمره، وأنه مُحِقُّ (٥) هذه البشارةَ، فأُخرج بهذا القول الاستثناءُ من أنْ يكونَ على سبيل التعليق لإنجاز الوعد.

والثاني: أنَّ ذلك خارجٌ على ما جاء في القرآن في مواضع كثيرة، من ذكر المشيئة ... كقوله (٦): {يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} [المائدة: ٤٠].


(١) في (أ) " قال ".
(٢) الأثر أخرجه مجاهد في تفسيره (٢/ ٦٠٣)، وابن جرير في جامع البيان (٢٦/ ١٠٧)، وأورده أبو الليث في تفسيره تفسير السمرقندي (٣/ ٣٠٤) وابن عطية في المحرر الوجيز (٥/ ١٣٩).
(٣) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١١١٦).
(٤) في (ب) " وفي الاستثناء ".
(٥) في (ب) " مُحَقِّقٌ ".
(٦) في (أ) " لقوله ".

<<  <   >  >>