للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: يُصلُّون بين المغرب والعشاء.

وفي {مَا}: ثلاثة أقوال:

أحدها: أنَّه صلة، أي: كانوا يهجعون قليلاً من الليل، فيكون {يَهْجَعُونَ} خبرَ ... كان، و {قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ} ظرفٌ.

والثاني: أنه للمصدر، أي: كانوا قليلاً من الليل هجوعُهم، فيرتفع الهجُوعُ بالبدل من واو الضمير (١).

وقيل: يرتفع بـ"قليل".

وهذا مع وصفه بقوله: {مِنَ اللَّيْلِ} ممتنع.

والثالث: للنفي.

وهذا القول لا يصحُّ في العربية؛ لمكان قوله: {مِنَ اللَّيْلِ}؛ لأنك إنْ جعلته من صلة {يَهْجَعُونَ} لا يجوز؛ لأنَّ ما بعد (ما) النفي لا يتقدّم عليه، وإنْ جعلته من صلة قليلٍ امتنع؛ لأنه يصح أنْ يكونَ خبراً لكان، لفساده في المعنى، وهو أنَّه ليس إيَّاهم، ولا أن يكونوا ظرفاً للمضمرين، لأنهم جثث. والله أعلم (٢).


(١) في (أ) " من أول الضمير ".
(٢) انظر: معاني القرآن؛ للفرَّاء (٣/ ٨٤)، جامع البيان (٢٦/ ١٩٦)، إعراب القرآن؛ للنَّحاس (٤/ ١٦٠)، تفسير الثعلبي (٩/ ١١١)، مشكل إعراب القرآن (٢/ ٦٨٦)، المحرر الوجيز (٥/ ١٧٤)، إملاء ما من به الرحمن (٢/ ٢٤٤)، وأظهر هذه الأقوال عند المفسرين القول الثاني: أي مصدرية قال ابن جرير: " وأولى الأقوال بالصِّحة في تأويل قوله: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (١٧)} قول من قال: كانوا قليلا من الليل هجوعهم؛ ... لأنَّ الله - تبارك وتعالى - وصفهم بذلك مدحاً لهم، وأثنى عليهم به فوصفهم بكثرة العمل وسهر الليل ومكابدته فيما يقربهم منه ويرضيه عنهم أولى وأشبه من وصفهم من قلة العمل وكثرة النوم، مع أنَّ الذي اخترنا في ذلك هو أغلب المعاني على ظاهر التنزيل " [جامع البيان (٢٦/ ٢٠٠)].

<<  <   >  >>