للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢)}: محكَمٌ شديدٌ صاحبُه حاذِقٌ، من (المِرَّة)، تقول: أمْرَرْتُهُ فاستمرَّ: أحكمتُه فاستحكم.

وقيل: {مُسْتَمِرٌّ}: باطلٌ ذاهبٌ، من المرور.

وقيل: {مُسْتَمِرٌّ}: يُشبه بعضُه بعضاً، من قولهم: مطَّرِدٌ مستمرٌّ.

وقيل: {مُسْتَمِرٌّ}: دائمٌ استمر من الأرض إلى السماء حتى سَحَرَ القمر (١).

{وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}: ما مالت إليهم طباعُهم دونَ الحقّ الواضح، وهما عطف على {يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا}، ويجوز أنْ يكونَ استئنافاً.

{وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (٣)}: أي: كلٌّ منتهٍ إلى غايةٍ، لأن الشيءَ إذا انتهى إلى غايته استقرَّ وثبت.

وقيل: {مُسْتَقِرٌّ} في الآخرة.

وقيل: {مُسْتَقِرٌّ} خيره وشره لأهله.

وقيل: معناه: المقدورُ كائنٌ لا محالةَ (٢).

{وَلَقَدْ جَاءَهُمْ}: جاء أهلَ مكة في القرآن {مِنَ الْأَنْبَاءِ}: أخبارِ الأمم السالفة (٣).

{مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤)}: ازدجارٌ عن الكفر والمعاصي، تقول: زجرتُه وازدجرتُه: إذا نهيتَه. وتاءُ الافتعال مع الزاي والذال تصير دالاً (٤).

{حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ}: بدلٌ من {فِيهِ}.

وقيل: هو {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ}، أي: القرآن حكمةٌ تامّة في الزجر.

وقيل: {بَالِغَةٌ}: لا خللَ فيها ولا فسادَ.

وقيل: {بَالِغَةٌ}: من الله إليكم (٥).

{فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ (٥)}: يجوز أنْ يكونَ نفياً، ويجوز أنْ يكونَ استفهاماً.

ومحله نصبٌ بـ {تُغْنِ} (٦).

و {النُّذُرُ}: جمع: نذير، وهو الرسل (٧).

وقيل: النذير المنذَر منه.

وقيل: النذر مصدرٌ بمعنى الإنذار.

{فَتَوَلَّ عَنْهُمْ}: فقد أدّيت الرسالةَ، ودعني وإياهم، وهذا تهديدٌ.

وقيل: تولَّ عنهم: إلى أنْ تؤمرَ بالقتال، وتمَّ الكلام (٨).

{يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ}: قيل هو: إسرافيل - عليه السلام - (٩).

{إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦)}: قُرئ: بالضم والسكون (١٠).

والأصل بالضم، (وفُعْلٌ) في الوصف قليلٌ، حكى سيبويه ناقة أُجْدٌ (١١).

والمعنى: فظيعٌ هائلٌ، لم يروا مثلَه فينكرونه استعظاماً له.

واختلفوا في عامل: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ}:

فقيل: اذكر، فيكون مفعولاً به لا ظرفاً.

وقيل: العامل فيه {يَخْرُجُونَ}.

وقيل: تقديره فتولى عنهم إلى يوم يدع، [فحُذف الجارُّ.

وقيل: فتولى عنهم يوم يدع الداعي] (١٢)، ولا تشفعْ لهم (١٣)، كما تولَّوا عنك في ... الدنيا.

وقيل: انشق القمر يوم يدع الداعي، وهذا على قول من قال: سينشق (١٤).

{خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ}: ذليلةٌ خاضعة عند رؤية العذاب.

وأضاف إلى البصر؛ لأن ذلةَ الذليل وعزةَ العزيز تتبين (١٥) في نظره (١٦).

{يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ}: من القبور، جمع جَدَثٍ وجَدَفٍ، فإذا جمعتَ قلتَ أجداث، بالثاء لا غير (١٧).

{كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (٧)}: في كثرتهم وتفرُّقهم في كلِّ جهةٍ.

{مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ}: مسرعين قِبَلَه لانقيادهم وذلهم، ولئلا يجدوا ملجأً.

وقيل: ناظرين لا يُقلعون أبصارَهم.

وقيل: يُسرعون بنظرهم قِبَلَ داعيهم.


(١) انظر: تفسير السَّمرقندي (٣/ ٣٤٩)، تفسير الثعلبي (٩/ ١٦٢)، النكت والعيون (٥/ ٤١٠).
(٢) انظر: تفسير الثعلبي (٩/ ١٦٢)، النكت والعيون (٥/ ٤١٠).
(٣) انظر: تفسير مقاتل (٣/ ٢٩٦)، جامع البيان (٢٧/ ٨٩)، التحرير والتنوير (٢٧/ ١٧٠).
(٤) انظر: جامع البيان (٢٧/ ٨٩)، إعراب القرآن؛ للنَّحاس (٤/ ١٩٢).
(٥) انظر: جامع البيان (٢٧/ ٨٩)، النُّكت والعيون (٥/ ٤١٠).
(٦) انظر: إعراب القرآن؛ للنَّحاس (٤/ ١٩٢)، مشكل إعراب القرآن (٢/ ٦٩٧).
(٧) كذا في المخطوطتين، والأصل من حيث التناسب بين الضمير وصاحبه أن يقال: وهو الرسول، أي المنذر. أو: وهم الرسل، أي النذر.
(٨) انظر: القطع والائتناف (ص: ٥٠٦).
(٩) انظر: تفسير مقاتل (٣/ ٢٩٦)، تفسير السَّمرقندي (٣/ ٣٥٠).
(١٠) قرأ الجمهور {نُكُرٍ} بضم الكاف، وقرأ ابن كثير بإسكان الكاف {نُكْر} [انظر: السَّبعة (ص: ٦١٧)، معاني القراءات (ص: ٤٧٠)، الحجة (٦/ ٢٤٢)].
(١١) انظر: الكتاب (٢/ ٣١٥)، الحجة (٦/ ٢٤٢).
(١٢) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب).
(١٣) في (أ) " ولا يشفع لهم ".
(١٤) انظر: الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ١٢٦)، البحر المحيط (١٠/ ٣٥).
(١٥) في (ب) " يتبين ".
(١٦) انظر: جامع البيان (٢٧/ ٩٠)، الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ١٢٦).
(١٧) انظر: جامع البيان (٢٣/ ١٥)، معاني القرآن؛ للنَّحاس (٥/ ٥٠٤).

<<  <   >  >>