للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: {لَا يَنْصُرُونَهُمْ}: أي: لا يدومون على النصر.

وقيل: {لَا يَنْصُرُونَهُمْ}: طائعين وإنْ نصروهم كارهين.

وقيل: الفعل في قوله: {لَئِنْ نَصَرُوهُمْ} لغير الذين أَخبر أنهم: {لَا يَنْصُرُونَهُمْ}.

وقيل: ولئن نصر اليهود المنافقين، والضميران مختلفان.

وقيل: أخبر عما لم يكن بأنَّه لو كان كيف كان (١).

{لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ}: أي: من رهبة الله، فحذف المضاف، أي: أوقع الله الرعبَ في قلوبهم (٢).

{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (١٣)}: فإن الفقهَ هو: العلم بمفهوم الكلام وظاهره (٣) الجلي، وغامضه الخفي بسرعةِ فطنةٍ وجودةِ قريحةٍ، وهؤلاء لو فقهوا لعلموا أنَّ قوةَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوة الله (٤).

ثُمَّ أُخْرِجَ بنو النضير فلم يخرجوا معهم، وقُوْتِلَ قريظةُ (٥) فلم ينصرهم منافقٌ (٦).

{لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا}: أي: مؤتلفين مجتمعين.

{إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ}: أي: إذا اجتمعوا لقتالكم لم يجسروا على البروز، وإنما يقاتلونكم وراءَ حصونهم المحصنةِ بالسور (٧).

{أَخْذُ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ}: بالنَبْلِ والحجر.

مَنْ وحَّد حمل على الجنس، ومَن جمع فلجمع (٨) القُرى (٩).

{بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ}: أي: هم متعادون محتنقون شديدٌ بعضُهم على بعضٍ.

وقيل: نِكايتهم فيما بينهم شديدةٌ إذا تحاربوا، فأمَّا معكم فالله تعالى أرهبهم منكم ولا يغنون شيئاً.

وقيل: هذا امتنانٌ من الله، أي: هم مع قوتهم وشدتهم يخافون منكم (١٠).

{تَحْسَبُهُمْ}: أي: اليهود والمنافقين {جَمِيعًا}: مجتمعين في الرأي.

{وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى}: مختلفة متفرقة (١١).

{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (١٤)}: فإن العداوةَ لا تقع بين العقلاء.

ابن بحر: " المعنى: ألقى اللهُ في قلوبهم البأسَ الشديدَ فتفرّقوا، خلافَ ما فعل بالمؤمنين من قوله: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} [الأنفال: ٦٣]، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} أمره ونهيه " (١٢).

{كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}: أي: مَثَلُ اليهود {كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا}: قيل: هم: أهل بدر (١٣).


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ٣٥)، البحر المحيط (١٠/ ١٤٥).
(٢) انظر: جامع البيان (٢٨/ ٤٧)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ٣٥).
(٣) في (أ) " ظاهره ".
(٤) أي منه يستمدها. [انظر: البرهان؛ للكرماني (ص: ٣١٠)].
(٥) قُريظة: قبيلة من قبائل اليهود، نسبة لرجل نزل قلعة حصينة بقرب المدينة، فنسب إليه، وقريظة والنضير أخوان، من أولاد هارون النبي - صلوات الله عليه -، والمنتسب إليه قُرَظِي. [الأنساب؛ للسمعاني (٤/ ٤٧٥)].
(٦) وهذه معجزة إذ كان الأمر كما قال الله تعالى. [انظر: معاني القرآن؛ للزَّجَّاج (٥/ ١١٨)، إعراب القرآن؛ للنَّحَّاس (٤/ ٢٦٤)، زاد المسير (٨/ ٢٦)].
(٧) انظر: جامع البيان (٢٨/ ٤٧)، معاني القرآن؛ للزَّجَّاج (٥/ ١١٨).
(٨) في (أ) " فلم يجمع ".
(٩) يشير إلى القراءتين الصحيحتين في الآية، فقد قرأ ابن كثير وأبو عمرو {أَوْمِنْ ورآءِ جدارٍ} بألف، وقرأ الباقون: {جُدُرٍ} بالجمع [انظر: السَّبعة (ص: ٦٣٢)، إعراب القرآن؛ للنَّحَّاس (٤/ ٢٦٤)، معاني القراءات (ص: ٤٨٦)].
(١٠) انظر: النُّكت والعيون (٥/ ٥٠٨)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ٣٦).
(١١) أخرج ابن جرير في جامع البيان (٢٨/ ٤٧) عن قتادة قوله في الآية: " تجد أهل الباطل مختلفة شهادتهم، مختلفة أهواؤهم، مختلفة أعمالهم، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق ".
(١٢) لم أقف عليه.
(١٣) أي: الكفار، وهو قول مجاهد. [انظر: تفسير مجاهد (٢/ ٦٦٥)، جامع البيان (٢٨/ ٤٨)].

<<  <   >  >>