للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: المرادُ به ها هنا ما قاله إبليس لأبي جهل يومَ بدر: {لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ} [الأنفال: ٤٨] " (١).

وقيل: هذا عامّ في جميع الكفّار، في دعائه إياهم إلى الكفر والمعاصي ووعده لهم ... بالغُرور (٢).

وأكثر المفسّرين على أنَّ هذا الإنسانَ راهبٌ يقال له: (برصيصا)، تعبّد ستين سنةً في صومعةٍ، فأراده الشيطانُ فأعياه، فعمد إلى امرأةٍ فأجنها، وقال لإخوةٍ لها: عليكم بهذا القسّ فيداويها، فجاءوا بها إليه، فداواها، فلمَّا عاد إليها جمالها أعجبته، فأتاها فأحبلها، ثم قتلها ودفنها مخافةَ الشنعة، فلما عُثِرَ على صنيعه، قال له الشيطان: أنا أوقعتك فيما أنت فيه، فلا ينجيك إلاّ أنْ تسجدَ لي، فسجد له.

{فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (١٦)}: فلما فعل قال: إني بريء منك فصلب ومات " (٣) (٤).

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -: " أنها كانت امرأةٌ ترعى الغنمَ وتأوي إلى صومعةِ هذا القسّ، ففعل بها (٥) ذلك، فأرى الله تعالى إخوةً لها في المنام " (٦).


(١) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٢٠٠)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ٤٢).
(٢) وهو قول مجاهد. [انظر: تفسير مجاهد (٢/ ٦٦٥)، جامع البيان (٢٨/ ٥١)، النُّكت والعيون (٥/ ٥٠٩)].
(٣) في (ب) " فسجد له فلما فعل {فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ} فصلب ومات {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (١٦) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا}: عاقبةَ هذا الإنسان والشيطان " أي تقديم وتأخير.
(٤) وقد وردت بروايات موقفة على عليٍّ وابن مسعود وابن عباس - رضي الله عنهم -. [انظر: تفسير مقاتل (٣/ ٣٤٣)، جامع البيان (٢٨/ ٤٩)، تفسير الثعلبي (٩/ ٢٨٤)، النُّكت والعيون (٥/ ٥٠٩)، تفسير البغوي (٨/ ٨٢)، والقصة أخرجها الحاكم في مستدركه في كتاب التفسير، تفسير سورة الحشر (٢/ ٤٨٤) عن علي بن أبي طالبٍ - رضي الله عنه -، وقال: " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه "، ووافقه الذهبي، وقال ابن عطية: " وهذا كُلُّهُ حديثٌ ضعيفٌ " [المحرر الوجيز (٥/ ٢٩٠)]، وقال ابن جزي: " وهذا ضعيفٌ في النَّقْلِ " [التسهيل (٤/ ١١١)].
(٥) في (أ) " يفعل بها " ... .
(٦) انظر: جامع البيان (٢٨/ ٤٩)، تفسير القرآن العظيم (٤/ ٣٦٥).

<<  <   >  >>