للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}: قيل: في إبراهيم وقومه، وكرر لأن الأول: أسوة بأقواله، والثاني: بأفعاله.

وقيل: في محمد - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين (١).

{لِمَنْ كَانَ}: بدل من {لَكُمْ}.

{يَرْجُو اللَّهَ}: أي: ثوابه

{وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ}: وما يعطي الله في ذلك اليوم أولياءَه (٢).

وقيل: يخشى اللهَ واليومَ الآخر.

{وَمَنْ يَتَوَلَّ}: عن أمرنا ووالى الكفارَ {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ}: عن الخلق.

{الْحَمِيدُ (٦)}: المستحقُّ للحمد. وقيل: المحمود.

{عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ}: لما نزل: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} عادى المؤمنون (٣) أقاربَهم المشركين وأظهروا لهم العداوةَ والبراءةَ، وعلم الله شدةَ وَجْدِ (٤) المؤمنين بذلك، فأنزل: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً}: فأسلم كثيرٌ منهم، وصاروا لهم أولياءَ وإخواناً، وخالطوهم وناكحوهم، وتزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمَّ حبيبةَ بنتَ أبي سفيان (٥)، فلانَ لهم أبو سفيان وبلغه ذلك وهو مشرك، فقال: "ذلك الفحل، لا يُقرع أنفُه" (٦) (٧).


(١) انظر: جامع البيان (٢٨/ ٦٤)، البرهان؛ للكرماني (ص: ٣١١)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ٥٧).
(٢) " أولياءه " ساقطة من (أ).
(٣) في (ب) " المؤمنين " بالنصب، والصواب ما أثبت.
(٤) في (ب) " وَحدِ ".
(٥) أمُّ حبيبة، هي: رملة بنت أبي سفيان [صخر] بن حرب بن أُمَيَّة، أم حبيبة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - اختلف في اسمها فقيل رملة وقيل هند والمشهور رملة وهو الصحيح عند جمهور أهل العلم بالنسب، وكانت أم حبيبة تحت عبيد الله بن جحش الأسدي، خرج بها مهاجراً من مكة إلى أرض الحبشة مع المهاجرين، ثم افتتن وتنصر ومات نصرانياً وأبت أم حبيبة أن تتنصر وثبتها الله على الإسلام والهجرة، فتزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي بأرض الحبشة زوجه إياها النجاشي وأمهرها أربعة آلاف درهم، وقيل: أربعمائة دينار فبعث بها مع شرحبيل بن حسنة وجهزها من عنده وما بعث إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء، وتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة ست، وتوفيت سنة أربع وأربعين. [انْظُرْ تَرْجَمَتَهَا: الاستيعاب (٢/ ٩٥)، أسد الغابة (٣/ ٣٥٣)].
(٦) يريد هذا الْكُفءَ الذي لا يُرَدّ نكاحُه، وأصله في الإبل أنَّ الفحل الهَجين إذا أراد أن يَضْرب كرائم الإبل قَرعُوا أنْفَه بِعَصاً أو غيرها ليرْتَدَّ عنها ويَتْرُكَها، ويُروى: " لا يُقْدَعُ " والمعنى واحد. [انظر: النهاية (١/ ١٣٣)، مادة (بَضَعَ)، لسان العرب (٨/ ٢٦٢)، مادة " قرع "].
(٧) انظر: تفسير الثعلبي (٩/ ٢٩٣)، أسباب النزول؛ للواحدي (ص: ٣٤٨)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ٥٧).

<<  <   >  >>