للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: في قوله (١): {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ}: يريد حسنه في العقل والحكمة ولم يرد استحلاء الناظر، فقد قيل: كلّ ما كان على ملائمةٍ لا تفاوتَ فيه فهو حسنٌ.

وقيل: الحُسْن ها هنا قَبول الطبع، فإن ابنَ آدم لو خُير بين الصور ما اختار إلاّ صورتَه (٢).

{وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣)}: فأحسنوا سرائرَكم، فقد أحسن الله علانيتَكم.

{يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٤)}: فارتدِعوا عن المعاصي وأَقبِلوا على الطاعات فإن الله يتولى المجازاة.

{أَلَمْ يَأْتِكُمْ}: يا أهلَ مكةَ {نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ}: قوم نوح، وهود، وصالح، ولوط (٣).

{فَذَاقُوا}: الفاء للتعقيب، أي: كفروا فذاقوا.

{وَبَالَ أَمْرِهِمْ}: الوبالُ مصدر وبيل (٤)، وهو الطعام (٥) الثقيل الذي لا يُوافق آكلَه، أي: ذاقُوا وبالَ كفرهم في الدنيا (٦).

{وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٥)}: في العُقبى.

{ذَلِكَ}: أي ذلك العذاب.

{بِأَنَّهُ}: بسبب أنه، والهاء كنايةٌ عن الأمر والشأن.

{كَانَتَا تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}: بالمعجزات، والآيات.

{فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا}: أنكروا أنْ يكونَ الرسلُ من بني آدم.

والبشرُ يقع على الواحد والجمع (٧).

{فَكَفَرُوا}: بالرُّسل {وَتَوَلَّوْا}: أعرضوا عن التفكُّر في البينات.

{وَاسْتَغْنَى اللَّهُ}: بما أرسل معهم من البينات عن زيادةٍ تدعوا (٨) إلى الرَّشاد (٩).

{وَاللَّهُ غَنِيٌّ}: عن عبادتهم {حَمِيدٌ (٦)}: مستحقٌ للحمد.

{زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا}

الموّرج: " {زَعَمَ}: بمعنى كذب بلغة حمير " (١٠).

شُرَيْح (١١): " {زَعَمَ}: كنايةٌ عن الكذب، أي: زعموا أنهم لا يُبعثون، ولا

يُحشرون للحساب والثواب والعقاب " (١٢).

{قُلْ بَلَى}: أي: ليس الأمرُ كما زعمتم.

{وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ}: أكّد الإخبارَ باليمين.

{ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ} (١٣): لتُخبرنَّ، ولتُحاسبنَّ بعملكم، وتُجازَون عليه.

{وَذَلِكَ}: البعث.

{عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧)}: هينٌ لا يلحقه (١٤) مشقةٌ.

{فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}: محمد - صلى الله عليه وسلم -.

{وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا}: يعني القرآن فيه بيانُ كلّ شيءٍ.

{وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨)}.

{يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ}: قيل: ظرف لقوله: {لَتُبْعَثُنَّ}.

وقيل: واذكر {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ} (١٥).

ابن جرير: " خبيرٌ بأعمالكم {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ} " (١٦).

وفيه كلام.

{لِيَوْمِ الْجَمْعِ}: لحضور يوم الجمع ولأجله، وهو يوم القيامة يُجمع فيه الأولون والآخِرون، والملائكة والإنس والجن أجمعون.

وقيل: يجمع فيه الثواب والعقاب، والظالم والمظلوم، والنبيّ ومَن آمن به (١٧).

{ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ}: يوم القيمة، أي: يتغابنون في المنازل عند الله - تعالى-،


(١) " في قوله " ساقطة من (أ).
(٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ١٣٠)، التفسير الكبير (٣٠/ ٢٠)، البحر المحيط (١٠/ ١٨٨).
(٣) انظر: تفسير مقاتل (٣/ ٣٦٧)، جامع البيان (٢٨/ ١٢٠).
(٤) في (ب) " الوبيل ".
(٥) " الطعام " ساقطة من (أ).
(٦) انظر: المفردات (ص: ٨٥٢)، مادة " وَبَلَ "، زاد المسير (٨/ ٦٤)، تفسير البيضاوي (٢/ ٤٩٨).
(٧) لأنه اسم جنس. [انظر: إعراب القرآن؛ للنَّحَّاس (٤/ ٢٩٢)، زاد المسير (٨/ ٦٤)].
(٨) في (أ) " يدعوا ".
(٩) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٢١)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ١٣١).
(١٠) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٢١٨).
(١١) شُريح بن الحارث القاضي الكِنْدي، أبو أمية، وقيل: أبو عبد الرحمن، أدرك شُريح القاضي الجاهلية ويعد في كبار التابعين، وكان قاضياً لعمر بن الخطاب على الكوفة ثم لعثمان ثم لعلي -رضي الله عنهم - فلم يزل قاضياً بها إلى زمن الحجاج، وكان من أعلم الناس بالقضاء، وكان ذا فطنة وذكاء ومعرفة وعقل ورصانة وكان شاعراً محسناً، قيل: له صحبة، ولم يصح، بل هو ممن أسلم في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وانتقل من اليمن زمن الصديق، وقد توفِّي سنة ثمانٍ وسبعين للهجرة، وهو ابن مائة وعشرين سنة. [انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ: مشاهير علماء الأمصار (ص: ١٢٥)، الاستيعاب (٢/ ٢٥٧) سير أعلام النبلاء (٤/ ١٠٠)].
(١٢) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٢٢)، تفسير السَّمعاني (٥/ ٤٥١).
(١٣) في (ب) " {ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ}: لتُخبرن ... {بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ}: البعث. ".
(١٤) في (ب) " لا تلحقه ".
(١٥) انظر: إعراب القرآن؛ للنَّحاس (٤/ ٢٩٢)، البحر المحيط (١٠/ ١٩٠).
(١٦) انظر: جامع البيان (٢٨/ ١٢٢).
(١٧) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٢٢)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ١٣٢).

<<  <   >  >>