للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأول أصح. لما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنه قال: " أنزلَ القرآن جملةً واحدة من اللوح المحفوظ ليلة القدر إلى السماء الدنيا , ثم أنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجماً نجماً في عشرين سنة " (١).

ويحتمل إنَّا أنزلنا القرآن في {لَيْلَةِ الْقَدْرِ} , أي: في شأن {لَيْلَةِ الْقَدْرِ} ومنزلتها , كما تقول: نزلت سورة والليل في أبي بكر , أي: في شأنه (٢).

ويحتمل أنَّ الهاء يعود إلى القضاء والقدر النازل في ليلة القدر (٣).

وسمي {لَيْلَةِ الْقَدْرِ} لمكان القضاء والقدر الجاري فيها.

وقيل: {لَيْلَةِ الْقَدْرِ} من القدر والمنزلة (٤).

{وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (٢)}: على التعظيم والتفخيم.

{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣)}: أي: الطاعة والعبادة فيها تقوم (٥) مقام الطاعة والعبادة في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر (٦).

وفي سبب النزول: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر رجلاً من بني إسرائيل حمل السلاح على عاتقه ألف شهر فعجب لذلك عجباً شديداً وتمنى أن يكون ذلك في أمته , فقال: يا رب (٧) جعلت


(١) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (٣٠/ ٢٥٨) عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ولفظه: قال: " نزل القرآن كله جملة واحدة في ليلة القدر في رمضان إلى السماء الدنيا، فكان الله إذا أراد أن يُحدث في الأرض شيئًا أنزله منه حتى جمعه". وزاد في رواية أخرى: " وكان بين أوله وآخره عشرون سنة". والمشهور في ثلاثٍ وعشرين سنة، كما أورد ابن كثير في تفسير القرآن العظيم (٤/ ٥٦٦) عن ابن عباس وغيره: " أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل مفصلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، وقال الألوسي: " وقال بعضهم، وهو الأشهر في ثلاث وعشرين " [روح المعاني (٣٠/ ١٨٩)].
(٢) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٣٦٥)، قال ابن جزي: " وقيل المعنى: أنزلناه في شأن ليلة القدر وذكرها، وهذا ضعيفٌ ". [التسهيل (٤/ ٢١٠)].
(٣) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٣٦٥).
(٤) انظر: إعراب القرآن؛ للنَّحَّاس (٥/ ١٦٦)، النُّكت والعيون (٦/ ٣١٢).
(٥) في (ب) " يقوم ".
(٦) انظر: جامع البيان (٣٠/ ٢٥٩)، إعراب القرآن؛ للنَّحَّاس (٥/ ١٦٦).
(٧) في (أ) " فقال رب ".

<<  <   >  >>