للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{بَغْيًا وَعَدْوًا} باغياً عادياً، أي: مستكبراً ظالماً، وذلك أنّ الله أمر موسى أن يخرج ببني إسرائيل من مصر ليلاً فاستعار بنو إسرائيل من القبط حُليَّهم بعلّة عرس لهم، وسرى بهم موسى وهم ستّمائة ألف وعشرون ألفاً لا يُعدّ فيهم ابن ستّين ولا ابن عشرين سنةً متوجّهين إلى البحر، ومات أبكار القبط تلك اللّيلة وشغلوا عن بني إسرائيل حتّى أصبحوا، وهو قوله: {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (٦٠)} [الشعراء: ٦٠] بعدما دفنوا أولادهم، فلمّا بلغ فرعون خروجهم ركب في طلبهم ومعه ألف ألف وستّمائة ألف (١).

قال محمّد بن كعب (٢): كان في عسكر فرعون مائة ألف حصان أدهم (٣) سوى سائر الشّيات (٤)، وكان فرعون يكون في الدَّهْم (٥)، وكان هارون على مقدّمة بني إسرائيل وموسى في السّاقة (٦)، فلمّا انتهوا وقربت منه مقدّمة فرعون وكانوا سبعمائة ألف رجل كلّ رجل (٧) على حصان على رأسه بيضة وبيده حربة وفرعون خلفهم في الدَّهْم، فقالت بنو إسرائيل لموسى: أين ما وعدتّنا؟ هذا البحرُ أمامنا إن دخلناه غرقنا وفرعون خلفنا إن أدركنا قتلنا؟ قال: كلاّ إنّ معي ربّي سيهدين، فأوحى الله إليه أن اضرب بعصاك البحر، فضرب فلم ينفلق وقال: أنا أقدم منك وأشدّ خلقاً، فأوحى الله تعالى إلى موسى أن كَنِّهِ وقل: انفلق أبا خالد بإذن الله، ففعل فانفلق البحر وصار فيه اثنا عشر طريقاً، لكلّ سبط طريق، وكشف الله عن وجه الأرض فصارت طرقاً يابسة، وارتفع من كلّ طريق الماء كالجبل، فكانوا لا يرى بعضهم بعضاً ولا يسمع بعضهم كلام بعض، فقال كلّ فريق قد (٨) غرق أصحابنا، فأوحى الله إلى الجبال من الماء تشبّكي فتشبّكت وصار فيه كهيئة الطّبقات (٩)، فجعل ينظر بعضهم (١٠) إلى بعض، فلمّا وصل فرعون بجنوده إلى البحر ورأوا البحر بتلك الهيئة قال فرعون: هابني البحر، وخافوا دخول البحر، وكان فرعون على حصان (١١) ولم يك في خيل فرعون فرسٌ أنثى،


(١) هذا السياق ذكره الثعلبي في «الكشف والبيان» (ص ٦١٦ - رسالة جامعية).
(٢) هو محمد بن كعب بن سليم بن أسد، أبو حمزة القُرظي، المدني، وكان قد نزل الكوفة مدة، ثقة عالم، وهم من قال إنه ولد في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتوفي سنة (١٢٠ هـ)، وقيل قبل ذلك.
انظر: «تقريب التهذيب» لابن حجر (ص ٥٠٤).
(٣) في (د): (أسود) بدلاً من (أدهم)، وجاء في «لسان العرب» (دهم): (الأدهم: الأسود).
(٤) سقطت كلمة (سائر) من (أ).
والشيات ورد رسمها هكذا في النسخ الخطية، وجاء في هامش (د): (قوله شيات قال في الصحاح: الشئيت من الخيل: الفرس العَثُور، وقال الأصمعي: الشئيت: الذي يقصر حافرا رجليه عن حافري يديه). وهذا موجود في «الصحاح» للجوهري ١/ ٢٥٤ (شأت).
(٥) قال في «اللسان» (دهم) عن الليث: (الدَّهم: الجماعة الكثيرة).
(٦) قال في «القاموس» (سوق): (ساقة الجيش: مُؤَخَّرُه).
(٧) سقط قوله (كل رجل) من (د).
(٨) سقطت (قد) من (أ).
(٩) في (أ): (الطباق).
(١٠) في (ب): (فجعل بعضهم ينظر إلى بعض).
(١١) في (د): (حصان أدهم).

<<  <   >  >>