للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{خَالِدِينَ فِيهَا} حال مقدر، تقول العرب: مررت برجل معه صقر صائداً به غداً، والعامل فيه معنى الاستقرار في قوله {فَفِي النَّارِ}.

{مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} أي: دوام السموات والأرض، وأراد بالدوام: وقت الدوام، وقيد الخلود بالدوام: لأن العرب لا تفهم خلوداً لا نهاية له، وهذه لفظة (١) وضعت للدوام ولها أمثال.

وفي هذه الآية والتي تليها سؤالان:

أحدهما: أن السموات والأرض فانيات وأن بقاء أهل الدارين بصفة الدوام فكيف علق ما يبقى بما يفنى.

والثاني: بم يتصل الاستثناء.

وقد أكثر المفسرون والنحاة الكلام فيها (٢).

أما السؤال الأول فالجواب عنه من وجوه:

أحدها: أن العرب كانت تعتقد دوامهما، فخاطبهم على ما اعتقدوا وإن كان الله علم من شأنهما ما جهلوا.

والثاني: أنهما تعادان، وإذا أعيدتا بقيتا إلى غير نهاية، يقويه قوله {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ} [إبراهيم: ٤٨] ..

والثالث: ما دامت السماء سماء والأرض أرضاً وهذا شيء (٣) لا يفارقهما في ذواتهما بقيتا أو فنيتا (٤).

والرابع: ما دامت سماء الجنة وأرض النار.

ويحتمل: أن المراد منه المعنى، لأن الكلام على ضَرْبَين: ضَرْبٌ يصل إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده (٥)، نحو: قام زيد وجلس عمرو، وضرب آخر لا يصل إلى الغرض بدلالة اللفظ وحده ولكن يدل (٦) اللفظ على معناه الذي يقتضيه موضوعه في اللغة ثم (٧) تجد لذلك المعنى معنىً تَصِلُ به إلى الغرض، كقوله {سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} [الأعراف: ١٤٩]، {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ} [الكهف: ١١]، وفلان طويل النجاد كثير الرماد،


(١) في (أ): (لفظت).
(٢) في (د): (فيهما).
(٣) سقطت كلمة (شيء) من (أ).
(٤) في (د): (نفيتا).
(٥) حصل سقط في (د) فجاء النص فيها كالتالي: ( ... وحده لكن بدلالة اللفظ على معناه) فانتقل نظر الناسخ عند كلمة (وحده) وأسقط سطراً كاملاً -والله أعلم-، ثم تنبه وأضاف على الهامش بعد كلمة (وحده) الأولى: (وضرب لا بدلالة اللفظ وحده) وأوصلها بقوله (لكن بدلالة اللفظ على معناه ... ).
(٦) في (ب): (يدلك).
(٧) سقطت (ثم) من (أ).

<<  <   >  >>