للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقصد الناسُ في تلك السنين مصرَ من كل أوب (١) يمتارون، وجعل يوسف لا يُمكِّن أحداً وإن كان عظيماً من أكثر من حمل بعير، وأصاب أرض كنعان من الشدة ما أصاب سائر البلاد، فأرسل يعقوب عشرة من بنيه إلى مصر للميرة وهو قوله:

{وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ} أي: مجلس يوسف.

{فَعَرَفَهُمْ} يوسف.

{وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٨)} أي: عرفهم ولم يعرفوه، ولم يكن منهم فعل، ونَكِرَ وأَنْكَرَ بمعنىً، وإنما لم يعرفوه لأنه كان قد تقرر في أنفسهم هلاكه، ولأن بين إلقائهم إياه في البئر وبين دخولهم عليه أربعين (٢) سنة، قاله ابن عباس رضي الله عنهما (٣).

وقيل: كان بينهم وبينه حجاب، وقيل: لأنه كان في زي الملوك على رأسه تاج وفي عنقه طوق من ذهب وعليه ثياب حرير جالساً على سرير، فلما نظر إليهم يوسف وكلموه بالعبرانية، قال لهم: أخبروني من أنتم وما أمركم ولعلكم عيون جئتم تنظرون عورة بلادنا، قالوا: والله ما نحن بجواسيس وإنما نحن إخوة بنو أب واحد، وهو شيخ يقال له: يعقوب، نبي من الأنبياء، قال: فكم أنتم؟ قالوا: كنا اثني عشر (٤)، فذهب أخ لنا إلى البَرِّيَّة فهلك فيها، وكان أحبنا إلى أبينا، قال: فكم (٥) أنتم ها هنا؟ قالوا: عشرة، قال: فأين الآخر؟ قالوا: عند أبينا، وهو أخ الذي هلك من أمه، وأبونا يتسلى به، قال: فمن يعلم أن الذي تقولون حق؟ قالوا: يا أيها الملك: إنا ببلاد لا يعرفنا أحد، فقال يوسف: فأتوني بأخيكم الذي من أبيكم إن كنتم (٦) صادقين، فأنا أرضى بذلك، أظهر لهم أنه يريد أن يستبرئ (٧) به أحوالهم.

قال صاحب النظم: سألوه أن يعطيهم وقر الأخ لهم (٨) من أبيهم، فأعطاهم ثم اعتل عليهم في الرجعة، فقال: ائتوني بهذا الأخ الذي لأبيكم حتى (٩) أعلم صدقكم من كذبكم،


(١) أي: من كل طريق ووجه وناحية. انظر: «اللسان» (أوب).
(٢) في (د): (أربعون).
(٣) ذكره الثعلبي في «الكشف والبيان» (ص ٣٧٠ - ٣٧١ - رسالة جامعية).
(٤) في (ب): (قالوا إثنا عشر فذهب ... ).
(٥) في (أ): (كم).
(٦) في (أ) زيادة: (حتى إن كنتم ... ).
(٧) في (أ): (يتبنى).
(٨) في (ب): (وقرأ لأخيه من أبيهم ... ).
(٩) سقطت (حتى) من (أ).

<<  <   >  >>